كلمة رئيس الحكومة، الدكتور سعد الدين العثماني، بمناسبة اجتماع مجلس إدارة الوكالة المغربية لتنمية الاستثمارات والصادرات

1.jpeg

بسم الله الرحمان الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على سيد المرسلين وعلى آله وصحبه

السادة الوزراء،
السيدات والسادة أعضاء مجلس الإدارة،

حضرات السيدات والسادة،

يُشرفني أن أترأس اليوم الاجتماع الثالث لمجلس إدارة الوكالة المغربية لتنمية الاستثمارات والصادرات، وأن أرحب بمشاركتكم في أشغاله للوقوف على حصيلة عمل الوكالة، واستشراف آفاقها المستقبلية لتعزيز جهود بلادنا في بناء اقتصاد قوي عبر جلب الاستثمارات وتطوير الصادرات.
لقد كان هذا الاجتماع مقررا في منتصف شهر مارس من هذه السنة، لكن تم تأجيله في إطار الإجراءات الوقائية التي اتخذتها الحكومة في مواجهة جائحة كورونا.
وأغتنم فرصة هذا اللقاء لأذكر بحرص وتوجيهات صاحب الجلالة الملك محمد السادس حفظه الله ونصره للنهوض بمجال الاستثمار ببلادنا منذ تربعه على عرش أسلافه الميامين، ولا أدل على ذلك مما تضمنه خطاب العرش لسنة 2019 الذي أكد فيه جلالته على أن المرحلة الجديدة حافلة بالعديد من التحديات والرهانات الداخلية والخارجية، التي يتعين كسبها، وفي مقدمتها رهان التسريع الاقتصادي والنجاعة المؤسسية لبناء اقتصاد قوي وتنافسي، من خلال مواصلة تحفيز المبادرة الخاصة، وإطلاق برامج جديدة من الاستثمار المنتج، وإحداث المزيد من فرص الشغل.
حضرات السيدات والسادة،
كما في علمكم وضعت جائحة كورونا الاقتصاد العالمي على المحك دون استثناء، وأثرت على جميع الأنشطة، وخصوصا السياحية والصناعية والتجارية، وأحدثت اضطرابات في سلاسل التوريد مما كان له الأثر البالغ على المبادلات التجارية العالمية وعلى الاستثمارات.
وبفضل التوجيهات الملكية السامية وحرص جلالته الشديد على سلامة وأمن المواطنين، تمكنت بلادنا، والحمد لله، من التحكم في الوضعية الوبائية حيث بلغت نسبة التعافي 82,2% ونسبة الوفيات لم تتجاوز 2,1% وأصبح في استطاعتنا إنجاز أكثر من 20000 اختبار يوميا، وهي أخبار مطمئنة لعموم المواطنين طبعا وكذلك للمقاولات التي يمكنها ممارسة أنشطتها مع اتخاذ التدابير والاحتياطات اللازمة لوقاية مستخدميها.

كما تم بذل مجهودات جبارة للحد من تداعيات هذه الجائحة، إذ اتخذت بلادنا مجموعة من التدابير الاستثنائية لاحتواء التأثيرات المترتبة عنها، ومنها منح مساعدات مالية لما يناهز 7 مليون من الأسر والمستفيدين لدعم القدرة الشرائية والاستهلاك الداخلي الضروري لاستمرار عدد لا يُستهان به من القطاعات الإنتاجية الأساسية.
كذلك تم اعتماد آليات لدعم ومواكبة المقاولات عبر المحافظة على الاستثمار العمومي وتحسين آجال أداء المؤسسات العمومية، ومن خلال تيسير الحصول على القروض أو تأخير آجال تسديدها، وكذلك بتفعيل الشراكة بين القطاع العام والقطاع الخاص قصد تحويل أنشطة بعض الشركات لإنتاج وسائل الوقاية وبعض المستلزمات الطبية التي أصبحت نادرة بل ومنعدمة بسبب تسابق دول العالم لاقتنائها.
ولقد لاقت هذه المجهودات إشادة دولية، إذا أن المغرب يُعتبر من الدول القلائل التي حققت اكتفاء ذاتيا في مستلزمات الوقاية، بل أصبح باستطاعته تزويد السوق الخارجية، وهو الأمر الذي لم يتأت لبعض الدول التي لها تاريخ عريق في الصناعة. 

حضرات السيدات والسادة،
لقد تمكنا من التحكم في الوضعية الوبائية من حيث حفظ الأرواح، ونعمل جاهدين على الاستمرار في هذا المنحى، إلا أن هذه الجائحة تحمل في طياتها فرصا كثيرة وجب استثمارها لإنعاش الاقتصاد. ذلك أن كثيرا من شركاء المغرب من دول وشركات كبرى سيضطرون لا محالة إلى مراجعة سياساتهم في الصناعة والاستثمار، وقد يلجؤون إلى توطين بعض صناعاتهم أو استثمار أخرى في دول قريبة جغرافيا من أسواقهم كما هو الحال بالنسبة لبلدنا.  
ويبقى التحدي الأكبر هو أن نستثمر هذا الفرص المتاحة لنسج شراكات اقتصادية مربحة للجميع تمكن من المساهمة في إقلاع اقتصادنا الوطني ومن إحداث مزيد من فرص الشغل، لا سيما أن بلدنا الحبيب يتوفر على مقومات متميزة، منها الموارد البشرية المؤهلة، والكفاءات العالية في تدبير المقاولة، والبنيات اللوجيستية التنافسية وعلى رأسها ميناء طنجة المتوسط، والعلاقات الاقتصادية والسياسية الوطيدة مع الأشقاء الأفارقة، إضافة إلى النجاحات ذات الصدى العالمي التي عرفتها مشاريع متعددة في صناعات السيارات والطائرات. 

ومن جهة أخرى، تجدر الإشارة إلى أنه على الرغم من معطى جائحة كورورنا الذي طغى على انشغالات الحكومة وعلى الساحة الإعلامية   مؤخرا، إلا أنه علينا ألا نغفل عما حققته بلادنا في مجال الاستثمار. 

حضرات السيدات والسادة،
لقد حققت بلادنا قبل الجائحة إنجازات مهمة في مجال الاستثمار، إذ حافظت خلال السنوات الأخيرة على المنحى التصاعدي لتدفق الاستثمارات الخارجية، وأصبحت تحتل المرتبة الرابعة قاريا فيما يخص جلب الاستثمارات الأجنبية المباشرة. كما واصلت الصادرات المغربية ديناميتها، بفضل تنوع الوجهات وكذا المنتوجات، بحيث أن المملكة أصبحت في المرتبة الخامسة إفريقيا خلف دول تصدر النفط بنسبة أساسية.
وتعتبر هذه الإنجازات ثمرة للعمل الدؤوب والمتواصل لكافة الأطراف المعنية من أجل الترويج لصورة المغرب وتقديمه كوجهة تنافسية تتميز بمناخ جيد للإعمال ومنفذا منفتحا على الأسواق الجهوية والعالمية. 
وحيث أن الوكالة المغربية لتنمية الاستثمارات والصادرات تساهم بشكل كبير في هذا المجهود، فإننا مدعوون جميعا إلى دعمها وتيسير عملها خصوصا في ظل هذه الأزمة، من أجل تحقيق الأهداف المسطرة على أحسن وجه.
وفي الختام، أتوجه بالشكر لجميع المتدخلين والشركاء على مساندتهم للوكالة، داعيا الجميع للمزيد من الجهد والعطاء لتعزيز جهودنا في جلب المزيد من الاستثمارات وتنمية صادرات بلادنا. 
كما أشكر مستخدمي وأطر الوكالة، وعلى رأسهم السيد المدير العام بالنيابة، على مجهوداتهم داعيا الجميع إلى المزيد من البذل والعطاء، ورفع التحديات الآنية والمستقبلية التي تهم البلاد بشكل عام والوكالة بشكل خاص. 
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
 

النشرة الإخبارية