كلمة رئيس الحكومة بمناسبة انعقاد المناظرة الوطنية الثالثة حول الجبايات

IMG_1701.jpg

بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على أشرف المرسلين،
 السيد رئيس مجلس النواب؛
السيد رئيس مجلس المستشارين؛
السيدات والسادة الوزراء؛
السيدات والسادة أعضاء غرفتي البرلمان؛
السيدات والسادة السفراء وممثلي الهيآت الديبلوماسية والمنظمات الدولية؛
السيدات والسادة رؤساء الأحزاب وممثلو المؤسسات العمومية؛
السيدات والسادة رؤساء الجهات والجماعات الترابية؛
السيدات والسادة ممثلو النقابات والاتحادات المهنية والقطاع الخاص؛
السيدات والسادة نساء ورجال الإعلام؛
أيها الحضور الكريم؛
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته؛
أستهل كلمتي هذه بمشاطرتكم شعوري بالفخر والاعتزاز بهذه المناسبة المميزة المتمثلة في انعقاد "المناظرة الوطنية الثالثة حول الجبايات"، التي تحتضنها، على مدى يومين، مدينة الصخيرات الجميلة. 
وهو حدث لا تخفى أهميته وراهنيته اعتبارا لدور الجبايات كرافعة أساسية للاقتصاد الوطني وللنموذج التنموي الجديد الذي نصبوا إليه جميعا كمحرك للاستثمار والتنمية، وأيضا كأداة وآلية لتحقيق العدالة الاجتماعية.
إن انعقاد "المناظرة الوطنية الثالثة حول الجبايات"، تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس حفظه الله تحت شعار "الإنصاف الضريبي" لخير دليل على العناية المولوية السامية التي يحظى بها هذا الموضوع، الذي يشكل لبنة أساسية في مسار تحقيق التنمية المستدامة التي ينشدها جلالته لبلادنا تحت قيادته الرشيدة.
وتُعد هذه المناظرة الثالثة فرصة سانحة لحوار وطني شفاف مفتوح حول موضوع من أهم المواضيع في التنمية الاقتصادية والاجتماعية، ولبلورة مخرجات تتوج جهدا كبيرا من المشاورات والنقاشات، المنفتحة على مختلف المقترحات التي تضع مصلحة الوطن والمواطنين نصب أعينها، والمنبثقة عن مختلف الفرقاء المعنيين بالنظام الضريبي الوطني. 
وهنا لا بد من أن أهنئ وزارة الاقتصاد والمالية وكافة القطاعات الحكومية المتدخلة في تنظيم هذه المناظرة، والشكر موصول أيضا للجنة العلمية التي أشرفت على تنسيق التشارك والتشاور الذي سبق انعقاد المناظرة، والتي تكلفت باستقبال ممثلين عن الأحزاب والمركزيات النقابية والبرلمانيين والجماعات الترابية والجمعيات المهنية بمختلف أنواعها والاتحاد العام لمقاولات المغرب والمجتمع المدني. 
فكل هذه الشرائح لها تطلعات مختلفة يجب أخذها بعين الاعتبار في إطار متكامل، وكل فئة من هذه الفئات عبّرت عن رأيها في النظام الجبائي الحالي وقدمت مقترحات ومذكرات، علما أن اللجنة العلمية توصلت بحوالي 170 مذكرة، ما يعني الغنى الذي ميّز منهجية إعداد المناظرة التي نطمح أن تسفر عن عدد من التوصيات والتوجهات. 
وإذا كان موضوع "الجبايات" يحمل عددا من الأبعاد والقيم، فإن الوعي المشترك والمتجذر بين مختلف الفاعلين يؤكد أهميته كآلية محركة للاقتصاد الوطني، وآلية تنموية مشجعة للاستثمار ومحفزة لإحداث فرص الشغل ومنتجة للثروة وآلية يجب أن تتسم بالإنصاف والعدالة الجبائية.
إن التعديلات المتتالية في النظام الضريبي المغربي على مر عقود، خصوصا من خلال قوانين المالية السنوية، تمت في الغالب استجابة لعدد من التحديات بعضها آني، وهو ما من شأنه التأثير على الانسجام العام المضطرد لمختلف المقتضيات الضريبية، ومن هنا الحاجة اليوم إلى مراجعة شاملة متأنية وعميقة للنظام الضريبي الوطني. 
حضرات السيدات والسادة؛
إن اختيار هذا الشعار للمناظرة يتماشى والرغبة الأكيدة في تبني مقاربة اجتماعية واقتصادية مندمجة ومتكاملة، وكذا تبني استراتيجية تروم الملاءمة مع الحركية التي يتميز بها مجتمعنا، في أفق تحقيق العدالة الضريبية المنشودة وجعل "الجبايات" آلية ليس فقط لتحريك عجلة الاقتصاد الوطني وجلب الاستثمار وتثمين المكتسبات التي حققتها المملكة على المستويين الاقتصادي والاجتماعي، بل أيضا لتحقيق حد معقول من العدالة الاجتماعية.
والأهم من كل هذا، وبعد دستور2011 والإصلاحات التي دشنها مؤسساتيا وإداريا والقيم الكبرى التي أقرها، لم تعد بعض، أو ربما الكثير، من مقتضيات نظامنا الضريبي الحالي كافية للاستجابة لحاجياتنا الآنية والمستقبلية. 
إننا اليوم في محطة لتقييم العمل بشكل مشترك وجماعي ولتشخيص النقائص والإكراهات، ولدراسة الجوانب التي تحتاج إلى تحول في أفق بلورة تصور جديد للنظام الجبائي ليكون مساهما بصفة إيجابية في مواكبة النموذج التنموي المغربي الجديد الذي نتطلع إليه جميعا.
وأؤكد هنا ولله الحمد، أن بلادنا تعيش طفرة إيجابية حقيقية على مختلف المستويات. إذ رغم وجود المغرب في محيط مضطرب يعيش غليانا سياسيا وإشكالات أمنية واقتصادية حقيقية، فإنه ينعم بفضل مجهودات وتوجيهات جلالة الملك محمد السادس حفظه الله، بحظ كبير من الاستقرار. 
حضرات السيدات والسادة؛
إننا نتوخى أن تشكل هذه المناظرة الوطنية الثالثة حول الجبايات مدخلا لعهد ضريبي جديد نستشرف من ورائه إصلاح النظام الجبائي القائم وتحقيق نظام جبائي عادل وفعال، مستعينين في ذلك بالمخرجات والتوصيات التي ستتمخض عنها أشغال هذه المناظرة.
وختاما، لا تفوتني المناسبة لأنوه بالعمل الجاد الذي قامت به كل فرق العمل ومصالح وزارة الاقتصاد والمالية واللجنة العلمية ورئيسها، وأحيي جميع الإدارات والقطاعات والمتدخلين لانخراطهم الإيجابي والفعال في التحضير الجيد لهذا الملتقى الوطني الهام.
كما أود أن أتوجه بالشكر لكافة المساهمين والمشاركين في المناظرة الوطنية الثالثة حول الجبايات، راجيا الله عز وجل أن يكلل أشغالكم بالتوفيق والسداد.
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
 

النشرة الإخبارية