كلمة السيد رئيس الحكومة بمناسبة زيارة الوفد الروسي

السيد الوزير الأول المحترم

السيدات والسادة الوزراء المحرمين

سيداتي سادتي

 

في البداية، اسمحوا لي سيدي الوزير الأول المحترم أن أرحب بكم وأن أعرب لكم عن سرورنا أن نكون في استقبالكم في المملكة المغربية أنتم والوفد الهام المرافق لكم.

إن هذه الزيارة تشهد على علاقات الصداقة المتميزة بالاحترام والتقدير المتبادلين التي تجمع بلدينا وتندرج ضمن خيار واضح لآفاق التعاون الذي دشنته الزيارة التاريخية لجلالة الملك محمد السادس إلى موسكو في مارس 2016، والشراكة الإستراتيجية العميقة التي نتجت عنها.

هذه الشراكة هي التي رسمت الطريق نحو تعاون متين ومثمر وإيجابي للطرفين، شراكة تستجيب للتطلعات والالتزامات المتبادلة بين البلدين.

ويتعلق الأمر هنا بخارطة الطريق دقيقة وملموسة وعملية تمكن من إرساء شراكة طموحة ومشروعة لبلدينا من أجل تطوير تعاونهما.  

ونحن متفائلون من هذه الديناميكية الجديدة، وجد مقتنعون بأن هذا التسلسل في التعاون سيمكن لا محالة من تحقيق نوع من الاستقرار والمضي قدما في الدفاع وصون مصالح البلدين في إطار من التضامن والتفاهم المرتكز أساسا على الاحترام المتبادل والمحافظة على السلامة الإقليمية لبلدينا.

إن العلاقات المغربية الروسية قديمة ومتجذرة عبر التاريخ، وهي تعود إلى عام 1778 من خلال تبادل الرسائل بين السلطان سيدي محمد بن عبد الله والإمبراطورة كاترين الثانية في أفق التوقيع على اتفاق السلام.

ومنذ ذلك التاريخ، فإن علاقات التبادل بين بلدينا لم تتوقف، بل تطورت وتعمقت على مر السنين.

إن هذه الروابط التقليدية تعززت بزيارتي جلالة الملك محمد السادس إلى موسكو عام 2002، وفي مارس 2016، وكذلك تعززت بالزيارة التي قام بها فخامة الرئيس الروسي فلدمين بوتين إلى المغرب في شتنبر 2006.

والجدير بالذكر أنه في ظرف سنة فقط، تمكن بلدينا من إعطاء نفس لهذه الشراكة من خلال تعميق الحوار السياسي وتنويع التعاون الاقتصادي، على اعتبار أن المذكرة الثنائية تبين بوضوح التقدم الحاصل في الشراكة بين البلدين سواء بالنظر إلى غنى المحتوى، أو إلى طبيعة الالتزامات الواعدة.

وإذا كانت الإنجازات عديدة في هذا المجال، فإنني سأركز على واحدة فقط ويتعلق الأمر بانعقاد الدورة السادسة المشتركة بين المغرب وروسيا في موسكو يومي 12 و13 يوليوز 2017 ، هذا الحدث الذي يشهد على إرادة  بلدينا من أجل الاستفادة أكثر من الشراكة الثنائية التي تحدد بدقة القطاعات ذات المصالح المشتركة، وتمكن من فتح شراكة مع عدة فاعلين في قطاعات مختلفة.

إن اللجنة العليا المشتركة مكنت كذلك من تدليل الصعاب التي قد تعترض مسار المبادلات الاقتصادية والتجارية بين البلدين، في أفق تعزيز التبادل وضمان تموقع المملكة المغربية كشريك استراتيجي هام للفيدرالية الروسية سواء على المستوى الإفريقي أو على صعيد العالم العربي.

 

سيداتي سادتي

إن تبادل الزيارات على مستويات عليا دفعت قائدي بلدينا إلى سن حوار بناء ومثمر، ساعد العلاقات المغربية الروسية على الرقي والازدهار، إذ توسعت لتشمل عدد من القطاعات الإستراتيجية من مثل البحث العلمي وامتلاك التكنولوجيا الحديثة المتطورة.

فالزيارة الرسمية التي قام بها جلالة الملك محمد السادس إلى روسيا أعطت لا محالة نفسا جديدا للعلاقات المغربية الروسية، خصوصا في مجالات الصيد البحري والبحث العلمي والتقني، وسلطت الضوء على إرادة البلدين في الاستفادة من كل الإمكانيات المتاحة للرقي بالتعاون في مجالات الفلاحة والصناعة.

لقد قرر قائدي بلدينا تعزيز العلاقات الثنائية وتعميقها، وغرس ديناميكية في مستوى روابط علاقة الصداقة التي تجمع بين المملكة المغربية والفيدرالية الروسية في مختلف المجالات.

وبهذه المناسبة، اسمحوا لي أن أعبر لكم عن أحر تشكرات المملكة المغربية للفيدرالية الروسية على موقفها الثابت الداعم للقرار الأممي من أجل حل سياسي وتوافقي يرتكز على ضرورة حفظ السلام والاستقرار في المنطقة.

 

سيداتي سادتي

إن وضع التعاون الاقتصادي بين البلدين يبقى مرضيا، والمبادلات التجارية في منحى تصاعدي، لكن هناك عجز مزمن لهذه العلاقات التجارية على حساب الجانب المغربي.

بيد أن المبادلات التجارية مع روسيا شهدت تطورا منذ التوقيع على الاتفاق التجاري والاقتصادي الذي ساعد على الزيادة في حجم المبادلات الذي انتقل من حوالي 200 مليون دولار سنة 2001، إلى 2.5 مليار دولار سنة 2015.

وفي سنة 2013، انطلقت مرحلة جديدة بعد التوقيع على اتفاق التعاون الخاص  بقطاع الصيد البحري.

كما أنه في سنة 2016، احتلت روسيا الرتبة التاسعة كممون للمملكة المغربية، والرتبة 22 كزبون لها.

 

سيداتي سادتي

 

إن البعد الاستراتيجي في العلاقات الثنائية يتطلب تقوية الإطار القانوني، وبهذا الخصوص، فإن المغرب ينوه بالاتفاقات ذات الأهمية القصوى الموقعة بمناسبة الزيارة التاريخية لجلالة الملك محمد السادس لروسيا سنة 2016، ويرحب بكل حماس التوقيع على اتفاقات جديدة في إطار الزيارة الحالية للوزير الأول الروسي للمملكة المغربية.

هذه الاتفاقات الجديدة التي تهم قطاعات ذات الأولوية ستساعد بدون شك في تعميق وتطوير الخطوط العريضة للتعاون الثنائي، وستحدد الطرق الناجعة للإنجاز على أرض الواقع.

ففي المجال الجمركي، فإن التوقيع على برتوكول تبادل المعلومات قبل وصول البضائع والسلع والمركبات، المعروف ب"  CORRIDOR VERT " سيسهل تدفق المعاملات التجارية، خصوصا بالنسبة إلى المواد الفلاحية التي تشكل جزء كبيرا في الصادرات المغربية نحو روسيا.

وبما أننا نتحدث عن القطاع الفلاحي، فإن التوقيع على مذكرة تعاون بين وزارتي الفلاحة المغربية والروسية تعد بمثابة قيمة مضافة يمكن أن تغني رصيد التعاون القائم بيننا.

أما في ما يخص التعاون الطاقي، هناك آفاق واعدة بين البلدين ستمكن من تعميق التبادل في مجال الغاز الطبيعي والكهرباء والكفاءة الطاقة والهيدروكاروبات...

 

سيداتي سادتي

شخصيا، ألاحظ أن العلاقات الثقافية بين بلدينا ديناميكية ومتينة. فمنذ ثلاثة عقود، تستقبل باستمرار الجامعات الروسية طلبة مغاربة.

وهنا أيضا لا بد أن أنوه  بمذكرة التفاهم فيما يخص التعاون بين وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية والمنظمة الدينية المركزية في موسكو، التي تم التوقيع عليها بمناسبة الزيارة الملكية التاريخية لروسيا سنة 2016 ، التي تروم تقاسم وتبادل التجارب والخبرات في مجال المحافظة وتثمين التراث الإسلامي. 

وحاليا، فإننا نشجع التوأمة بين المدن المغربية والروسية، وأحيي المبادرات المتخذة في هذا المجال بين العاصمتين موسكو والرباط، وأيضا بين الدار البيضاء وسان بيترسبورغ.

 

سيداتي سادتي

أريد في ختام هذه الكلمة أن أذكر بالالتزام الاستراتيجي والثابت للمملكة المغربية تجاه القارة الإفريقية.

هذا الالتزام الذي مكن المغرب من تطوير خبرة عميقة ومعتبرة في مختلف القطاعات ذات الارتباط بالجانب الاقتصادي باعتبارها مركز الشراكة القارية.

إن المغرب على أتم الاستعداد ومنفتح لإقامة شراكة ثلاثية موسعة التي تشمل القطاعين العام والخاص من أجل إنجاز مشاريع ذات المصالح المتبادلة.

 

النشرة الإخبارية