كلمة رئيس الحكومة في افتتاح الاجتماع العاشر للجنة الوطنية لمناخ الأعمال

MDM_7518.JPG

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه أجمعين،

السيدات والسادة الوزراء والوزراء المنتدبين وكتاب الدولة،

السيد رئيس الاتحاد العام لمقاولات المغرب،

السيد رئيس جامعة الغرف المغربية للتجارة والصناعة والخدمات؛

حضرات السيدات والسادة،

السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته،

أود في افتتاح أشغال هذا الاجتماع العاشر للجنة الوطنية المكلفة بمناخ الأعمال أن أرحب بكل أعضاء هذه اللجنة وبالحضور الكريم متمنيا لأعمالنا التوفيق والسداد لما فيه خير وفلاح بلادنا وبالغ الأثر الإيجابي على المقاولة وعلى كافة المواطنين بإذن الله تعالى.

فكما صرحت بذلك خلال الجلسة الشهرية الأخيرة بمجلس النواب، فموضوع تحسين مناخ الأعمال الذي تعمل وفقه هذه اللجنة يحظى باهتمام كبير من طرف الحكومة انطلاقا من قناعتها الراسخة بأن دعم الاستثمار والمقاولة يعد محــركا أساســيا للتنميــة بمختلف أبعادها الاقتصادية والاجتماعية.

وأود هنا أن أؤكد حرص الحكومة، تنفيذا للتعليمات الملكية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله العمل على مواصلة تنزيل مختلف الإصلاحات الهيكلية الكبرى الرامية إلى تحسين مناخ الأعمال وتنمية الاستثمار، وعلى ترسيخ المقاربة التشاورية والتشاركية بين القطاعين العام والخاص، وكذا تكريس الثقة المتبادلة بينهما من أجل تطوير أسس الإنتاج والتنافسية للمقاولة والاقتصاد الوطني وتعزيز جاذبية بلادنا للاستثمارات الأجنبية.

وسأعمل رفقة السيد رئيس الاتحاد العام لمقاولات المغرب وكافة الفاعلين الاقتصاديين، بالإضافة إلى تعزيز عمل هذه اللجنة على تطوير وتجويد آليات التشاور والحوار الدائم بين ممثلي الحكومة والاتحاد العام والقطاع الخاص بصفة عامة، وذلك بالنسبة لمختلف القضايا التي تهم تيسير عمل المقاولة الوطنية والرفع من تنافسيتها من خلال تيسير عملها ومعالجة الصعوبات والإشكالات التي تواجهها، قصد تمكينها من التركيز على إنتاج الثروة وإحداث فرص الشغل والمساهمة في الرفع من مستوى النمو الاقتصادي ببلادنا.  

وسيخصص جدول أعمال هذا اللقاء، لتقديم حصيلة نشاط هذه اللجنة برسم الفترة 2018/2017، واعتماد برنامج عملها لسنة 2019.

كما سيقدم السادة الوزراء، في هذا الإطار، عروضا مقتضبة حول مجموعة من الأوراش المهيكلة والمنتظرة ببلادنا، والتي تهم تطوير مناخ الأعمال والاستجابة لانتظارات القطاع الخاص والمقاولة الوطنية فيما يخص تجويد وتطوير نظام الصفقات العمومية وتحسين آجال الأداء، وكذا مشروع تطوير ميثاق المرافق العمومية والمتضمن لحجية المساطر الإدارية. كما ستتطرق هذه العروض إلى تقديم مشروع إحداث المقاولة عبر الخط ومشروع تحديث ورقمنة المحاكم التجارية بالمغرب.

حضرات السيدات والسادة 

تعتبر اللجنة الوطنية لمناخ الأعمال مرجعا وطنيا فيما يخص تطوير آليات الحوار والتشاور بين مجموع المتدخلين قصد الوقوف على الاختلالات والمعيقات التي تواجه المقاولة في نشاطها اليومي، وكذلك كآلية لتنسيق العمل المشترك وتتبع تنزيل الإصلاحات الأفقية والأوراش المتعلقة بتحسين مناخ الأعمال.

فمنذ إنشائها سنة 2010، قامت هذه اللجنة بإنجاز مجموعة من الأوراش الإصلاحية تهم تعديل ومراجعة مجموعة من النصوص القانونية والتنظيمية وتطوير وتفعيل أنظمة إلكترونية لتبادل المعلومات، وتبسيط ورقمنة مجموعة من الوثائق والإجراءات فضلا عن إنشاء وتطوير عدد من الشبابيك الوحيدة لتيسير تعامل المقاولة مع الإدارة.

كما عملت اللجنة في الآونة الأخيرة على التطوير المستمر لمنهجية اشتغالها وعملها، والاستفادة من الممارسات الفضلى على الصعيد الدولي. ففي هذا الشأن، تم تطوير دليل تدبير المشاريع الإصلاحية المبرمجة وتطوير منصة إلكترونية لتيسير العمل التشاركي وتتبع مختلف الأوراش بشكل دقيق. وسيشرع العمل بهذه المنصة سالفة الذكر انطلاقا من بداية السنة القادمة إن شاء الله تعالى. وسيتم كذلك نهاية شهر يناير القادم إطلاق الموقع الجديد للجنة على الانترنيت.

كما تم في هذا الإطار الإعداد لمقترح يهم مراجعة المرسوم المحدث لهذه اللجنة، من أجل تحسين وتطوير إطارها التنظيمي، من خلال تحديد مجال اشتغالها ومهامها بشكل أدق، وتطوير وضعية وآليات اشتغال كتابتها الدائمة، وتسريع وتيرة إنجاز الأوراش الإصلاحية وفق منهجية عمل محددة المعالم. وسيتم إحالة مشروع الإطار التنظيمي الجديد للجنة على مسطرة المصادقة في أقرب الآجال الممكنة. 

وأود هنا أن أغتنم هذه المناسبة لأنوه بالمجهودات الكبيرة التي بُذلت وفق مقاربة تشاركية، وبالعمل الجاد والمتواصل الذي قامت به مختلف القطاعات الوزارية المعنية والمؤسسات والهيئات الممثَلة في هذه اللجنة، وكذا بالعمل النوعي الذي تضطلع به الكتابة الدائمة للجنة.

وقد مكنت هذه المجهودات المبذولة من تيسير عمل المقاولة المغربية على أرض الواقع، من خلال عدد من الإصلاحات الحقيقية، نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر، مراجعة المرسوم المتعلق بفوائد التأخير وآجال الأداء الخاص بصفقات الدولة، وتعديل قانون الشركات المساهمة وذات المسؤولية المحدودة، وإقرار التعريف الموحد للمقاولة، وإخراج المرسوم المتعلق بضابط البناء العام، وكذا المصادقة على القانون الجديد المتعلق بمعالجة صعوبات المقاولات.

كما مكنت هذه الإنجازات من تحسين تصنيف المغرب الدولي في مجال مناخ الأعمال، حيق تمكن المغرب من الارتقاء هذه السنة إلى المرتبة 60 عالميا من بين 190 دولة شملها تقرير مجموعة البنك الدولي حول ممارسة الأعمال (Doing Business) ليحسن بذلك تصنيفه الدولي ب9 مراتب خلال سنة واحدة، وب68 مرتبة منذ إنشاء اللجنة الوطنية لمناخ الأعمال في سنة 2010 وهي الفترة التي كانت تحتل خلالها بلادنا المرتبة 128 دوليا. 

وأصبحت بذلك بلادنا تحتل المرتبة الثالثة على الصعيد الإفريقي والثانية على مستوى دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وهو ما يتناسب والتحسن الملموس في تنافسية اقتصادنا الوطني وفي جاذبيته للاستثمارات الأجنبية، برغم الظرفية الاقتصادية الدولية الصعبة. (للإشارة فقد ارتفع تدفق الاستثمارات الأجنبية المباشرة ليبلغ 34,4  مليار درهم سنة 2017، ومن المتوقع أن يحافظ هذا التدفق على نفس المستوى سنة 2018 و 2019).

وتجدر الإشارة إلى أن التقرير حول ممارسة الأعمال، ورغم أهميته، نعتبره آلية لتقييم الإصلاحات والوقوف عند مكامن الخلل وسبل معالجتها فضلا عن تمكيننا من خلاله من رصد مجموعة من المعايير والممارسات الدولية الفضلى في مجال تحسين مناخ الأعمال. فإن ما يهمنا بالدرجة الأولى، هو اتخاذ إجراءات ومبادرات عملية وجريئة تحسن فعليا مناخ الأعمال وتبسط المساطر، مع العمل على توحيد العمل بها على المستوى الوطني.

وإذ يحق للمغرب أن يفخر بهذا الإنجاز، فإننا نتطلع إلى المزيد وسنسعى إلى تحقيق الهدف الطموح، والواقعي، المتمثل في تمكين المغرب من ولوج اقتصادات الخمسين (50) الأوائل عالميا على مستوى جودة ممارسة الأعمال في أفق 2021، فقد وُضعت خطة عمل واضحة ومفصلة المعالم تتلخص عناصرها فيما يلي:

  •  إعداد تقارير تقنية مفصلة قصد دراسة وتحليل مجموع المؤشرات المتضمنة في تقرير ممارسة الأعمال؛
  •  إعداد برنامج متعدد السنوات 2018-2021 يضم مجموعة من المشاريع والإجراءات، وذلك وفق مقاربة تشاورية وتشاركية مع مختلف الأطراف المعنية؛
  •  وضع أدوات وآليات الحكامة لإنجاز وتتبع الإصلاحات والمشاريع المقترحة؛
  •  وضع مخطط تواصلي للتعريف بالإصلاحات والمشاريع المنجزة؛
  •  إنجاز وتتبع الإصلاحات والمشاريع المقترحة؛
  •  تقييم أثر الإصلاحات على تحسين مجموع المؤشرات المحتسبة في تقرير ممارسة الأعمال، وكذا على تحسين مناخ الأعمال وتيسير حياة المقاولات.

حضرات السيدات والسادة 

 إننا على قناعة وثقة بأن منهجية الإصلاح المبتغى في مجال مناخ الأعمال سيمكن من الرفع من جاذبية المغرب للاستثمارات الأجنبية ومن تنافسية المقاولات الوطنية وقدرتها على المنافسة واختراق الأسواق بهدف تحقيق نمو قوي ومستدام ومنتج لفرص الشغل، ومن تحقيق دعم متواصل للمقاولات الصغرى والمتوسطة بالنظر للدور الاجتماعي والاقتصادي الذي تقوم به هذه الأخيرة، وجعلها مساهما أساسيا في التشغيل والتطور الاقتصادي، وذلك بالعمل على تطويرها وتحسين مردوديتها وتنافسيتها.

لذلك فإن اللجنة الوطنية لمناخ الأعمال ستواصل بإذن الله تعالى، في إطار برنامج عمل اللجنة المقترح لسنة 2019، تنزيل مجموعة من الإصلاحات القانونية والمسطرية الهامة. 

ومن أهم الأوراش المبرمجة في برنامج العمل سالف الذكر، إعداد وتطوير برنامج العمل متعدد السنوات المشار إليه أعلاه، ومن خلال برمجة زمنية مناسبة لتفادي تشتت مجهودات الإصلاح، مع إعطاء الأولوية للملفات الأكثر استعجالا، مما سيمكن من التطوير الأمثل لمناخ الأعمال وتوضيح الرؤى على المستوى المتوسط بما يستجيب لحاجيات المقاولة الوطنية والمستثمرين.

وبذلك ستواصل الحكومة التي أتشرف برئاستها، بذل كل الجهود الضرورية لإنجاز مزيد من الإصلاحات والإجراءات اللازمة بتشاور مع الفرقاء الاقتصاديين والاجتماعيين، وفي تكامل وانسجام مع الإصلاحات الهامة الأخرى التي باشرناها لدعم الاستثمار وتحسين مناخ الأعمال جهويا، والمتمثلة في تنزيل إصلاح المراكز الجهوية للاستثمار، من خلال إعادة هيكلتها ومنحها الصلاحيات والوسائل اللازمة للقيام بدورها، و اعتماد ميثاق اللاتمركز الإداري، والذي يأتي لمواكبة ورش الجهوية المتقدمة وتوفير الشروط اللازمة لضمان التقائية السياسات العمومية وتجانسها وتكاملها على الصعيد الترابي، كل ذلك خدمة للمواطنات والمواطنين، وتحقيقا لمصلحة بلادنا وتعزيزا لاستقرارها ونماءها، وتأهيلها للدخول المستحق لنادي الدول الصاعدة، تنفيذا للتوجيهات السامية لجلالة الملك محمد السادس حفظه الله.

ولا يسعني في الختام، إلا أن أجدد الشكر لكافة المساهمين في هذا الإنجاز الجماعي وأن أنوه بمجهوداتهم وعطاءاتهم المتميزة.

والله من وراء القصد، والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته. 

النشرة الإخبارية