حصيلة أشغال اجتماعات مجلس الحكومة بمناسبة انعقاد الاجتماع الـمائة منذ تنصيب الحكومة

تقدم السيد الأمين العام للحكومة بعرض حول مجالس الحكومة: حصيلة وآفاق، بمناسبة انعقاد الاجتماع المائة منذ تنصيب الحكومة، استهل كلمته بتوجيه الشكر للسيد رئيس الحكومة ولكافة أعضاء الحكومة على تعاونهم وعملهم المستمر والمنتظم مع الأمانة العامة للحكومة وأن ما يقدمه اليوم هو حصيلة تشريعية لسنتين من الإصلاحات التشريعية المؤسساتية، المواكبة للسياسات القطاعية والاقتصادية والاجتماعية والفاعلة في ضمان بلادنا في الوفاء لالتزاماتها الدولية المنصوص عليها في المعاهدات والاتفاقيات الدولية. وفيما يلي النص الكامل للعرض:

السيد رئيس الحكومة المحترم، 
السيد وزير الدولة المحترم، 
السيدات والسادة أعضاء الحكومة المحترمون،

اسمحوا لي في مستهل هذه الكلمة، أن أعبر لكم في هذا اليوم الذي يستكمل فيه مجلس الحكومة مائة اجتماع، بعد تمام سنتين كاملتين من عمل الحكومة، عن تشكراتي الخالصة إلى السيد رئيس الحكومة على عنايته الفائقة التي ما فتئ يوليها منذ تنصيب هذه الحكومة لتنظيم جلساتنا وتحديد جداول أعمالنا، ومدنا، من أجل ذلك بدعمه المتواصل وحرصه على تسهيل مأموريتنا بفضل سعة صدره وتفهمه الدائمين، كما أتوجه بالشكر إلى السيدات والسادة أعضاء الحكومة على حسن التواصل الفعال والمثمر الذي طبع علاقة الأمانة العامة للحكومة بمختلف القطاعات التي تشرفون عليها، كما أشكرهم على صبرهم وتفهمهم لما تقتضيه أحيانا، دراسة مشاريع النصوص من دقة وحذر تجنبا لأي انحراف قانوني وسعيا إلى الاقتراب ما أمكن من الجودة المثلى التي نسعى جاهدين، سويا، إلى إضفائها على منظومتنا القانونية. 

الاجتماع المائة للمجالس الحكومية، مناسبة لأدعو حضراتكم للقيام بإطلالة سريعة على سنتين من العمل على المستوى التشريعي والتنظيمي الذي أشرفت الحكومة على إعداده، وإبراز أهم الإصلاحات التشريعية الكبرى التي همت عددا من القطاعات والمجالات الحيوية، وكذا السياسات العمومية القطاعية والوطنية.

وهي، مناسبة سانحة للقيام بوقفة تأملية، نستحضر فيها سويا، ما يمكن القيام به من أجل تحقيق تفاعل أمثل في مسلسل إعداد التشريعات التي تقدمها الحكومة، ورغبة في المزيد من الفعالية والنجاعة، انسجاما مع أحكام الدستور، وأحكام القانون التنظيمي المتعلق بتنظيم وتسيير أشغال الحكومة والوضع القانوني لأعضائها، التي تؤطر عمل الحكومة، وعمل هذا المجلس الموقر.

ولذلك، اسمحوا لي أن أكتفي بتقديم جملة من المعطيات التي لا تشكل بأي حال من الأحوال، حصيلة شاملة ومفصلة لاجتماعات مجلس الحكومة ولا لنشاط الأمانة العامة للحكومة، بقدر ما هي مؤشرات إجمالية ومعطيات تركيبية، حول ما صدر عن اجتماعاتنا من إنتاج قانوني وعمل تشريعي للحكومة. 
    
أولا: مؤشرات ومعطيات إجمالية حول العمل التشريعي للحكومة

لقد تمت خلال الفترة الممتدة من 19 أبريل 2017، تاريخ انعقاد أول اجتماع لمجلس الحكومة إلى يومنا هذا، دراسة أربعمائة و تسعة وعشرين (429) مشروع نص قانوني، أعدتها مختلف القطاعات الوزارية المعنية، وصادق عليها مجلس الحكومة.

وتهم المشاريع المذكورة، مشاريع القوانين والنصوص التنظيمية التي تم إعدادها في إطار متابعة مسلسل تفعيل أحكام الدستور، وتنفيذ البرنامج الحكومي، والمواكبة التشريعية لمختلف الأوراش الحكومية المهيكلة لعدد من السياسات العمومية القطاعية، وكذا من أجل ملاءمة المنظومة القانونية الوطنية مع أحكام الاتفاقيات والالتزامات الدولية للمملكة.

ويمكن استعراض أهم المؤشرات المتعلقة بهذه المشاريع من خلال المعطيات التالية: 

فقد درس مجلس الحكومة وصادق على ما يناهز 154 مشروع قانون، من بينها 3 مشاريع قوانين تنظيمية تتعلق بالتعيين في المناصب العليا، ومشروع قانون-إطار واحد يتعلق بمنظومة التربية والتكوين والبحث العلمي، و 67 مشروع قانون يهم قطاعات ومجالات مختلفة في السياسات العمومية، و87 مشروع قانون تقضي بالموافقة على اتفاقيات دولية، إضافة إلى 8 اتفاقيات لا تتطلب الموافقة عليها بقانون.

كما درس المجلس وصادق على 267 مشروع مرسوم تنظيمي، من بينها مشروعا مرسومين بقانون (مشروع مرسوم بقانون بسن أحكام انتقالية في شأن التبادل الآلي للمعلومات لأغراض جبائية:

 FATCA foreign Account Tax. Compliance. Act. ومشروع مرسوم بقانون يتعلق بإحداث الصندوق المغربي للتأمين الصحي).
     

ثانيا: أهم الأوراش الإصلاحية المتعلقة بالعمل التشريعي والتنظيمي الذي تم إعداده:

من خلال تحليل المعطيات المتعلقة بمشاريع النصوص التي تم إعدادها، أود أن أحيط السيدات والسادة أعضاء الحكومة علما بأن هذه المشاريع قد تناولت بصفة رئيسية تفعيل عدد من المقتضيات الدستورية والإصلاحات المؤسساتية، وتأطير مجالات السياسات الاجتماعية للدولة، ووضع أطر قانونية جديدة تهم السياسة الاقتصادية والمالية، بالإضافة إلى عدد من النصوص التي قامت الحكومة من خلالها بمراجعة وملاءمة المنظومة القانونية الوطنية مع أحكام المعاهدات الدولية التي صادقت عليها المملكة أو انضمت إليها.     

أ- في ما يخص العمل التشريعي والتنظيمي المتعلق بتفعيل أحكام الدستور والإصلاحات المؤسساتية:

       في إطار متابعة مسلسل تفعيل الدستور، استنادا إلى محاور البرنامج الحكومي المعتمد، ولا سيما منها تلك المتعلقة بالإصلاحات المؤسساتية، تداولت الحكومة وصادقت على عدد من النصوص القانونية، همت بصفة خاصة عددا من المؤسسات الحقوقية، منها مؤسسة الوسيط والمجلس الوطني لحقوق الإنسان، والسلطة القضائية من خلال نقل اختصاصات السلطة الحكومية المكلفة بالعدل إلى الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض.
     كما تم إعداد ودراسة والمصادقة على النص التنظيمي المرجعي المتعلق بالميثاق الوطني للاتمركز الإداري الذي شكل نصا مؤسسا لسياسة جديدة للدولة في مجال التنظيم الإداري للمملكة، وإصلاحا عميقا للمنظومة الإدارية الوطنية، ولنظام الحكامة، الذي ستكون له بحول الله، آثار إيجابية على حسن تنظيم المرافق العمومية، وتجويد الخدمة العمومية التي تقدمها للمواطن.

     وعلاوة على ذلك، فإن الحكومة من خلال ما أعدته وصادقت عليه من نصوص تنظيمية، قد غطت معظم جوانب الترسانة القانونية التطبيقية للقوانين التنظيمية المتعلقة بالجماعات الترابية، والتي ناهزت 71 مرسوما من شأنها أن تمكن هذه الجماعات بمختلف أصنافها، من الآليات القانونية التنفيذية اللازمة لقيامها بممارسة اختصاصاتها، وفق ما حدده الدستور، وأقرته القوانين التنظيمية المتعلقة بها. 

     وضمن سياق الإصلاحات المؤسساتية التي تقوم بها الحكومة بكيفية متدرجة، تطبيقا لمضامين البرنامج الحكومي، فقد تم إعداد والمصادقة كذلك على عدد من مشاريع القوانين الجديدة التي همت جملة من المؤسسات الوطنية بما فيها المؤسسات الاستراتيجية، كما هو الشأن بالنسبة لمؤسسة بنك المغرب، والوكالة المغربية لتنمية الاستثمارات والصادرات، ووكالة التنمية الرقمية، والصندوق المغربي للتأمين الصحي، والمركز السينمائي المغربي والوكالة الوطنية للتجهيزات العامة، وكذا مراجعة جزئية للنصوص المتعلقة بالصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، والمكتب المغربي للملكية الصناعية والتجارية.
     وجدير بالذكر أن الحكومة قد اعتمدت، خلال السنتين الماضيتين، جملة من الآليات التنفيذية لعدد من السياسات القطاعية، والتي شكلت جزءا من منظومة الإصلاحات المؤسساتية، حيث صادقت على النصوص التنظيمية المتعلقة بإحداث عدة لجان وطنية ووزارية، نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر: اللجنة الوطنية لمكافحة الفساد، ولجنة العرائض، واللجنة الوطنية للتنمية المستدامة، والمجلس الوطني للأرشيف وغيرها من اللجان الوظيفية، التي تعمل كآليات إلى جانب الحكومة من أجل مساعدتها على القيام بمهامها الدستورية في تصريف السياسات العمومية. 

ب- في ما يخص الإصلاحات التشريعية والتنظيمية المتعلقة بمجال السياسة الاقتصادية والمالية للدولة:

        علاوة على القانونين الماليين لسنتي 2018 و 2019، ونصوصهما التطبيقية وغيرها من النصوص المصاحبة، فقد قامت الحكومة باعتماد جملة من مشاريع النصوص ذات الأهمية الاستراتيجية بالنسبة للنسيج  الاقتصادي والمالي لبلادنا.

       وقد همت هذه المشاريع بصفة أساسية محورين رئيسيين:

أولهما: الإصلاح التشريعي للمراكز الجهوية للاستثمار وإحداث اللجان الجهوية الموحدة.

لقد عملت الحكومة خلال السنة الماضية طبقا للتوجيهات الملكية السامية على مراجعة جذرية للإطار التشريعي المنظم للمراكز الجهوية للاستثمار، حيث تم إعادة هيكلتها في شكل مؤسسات عمومية بصلاحيات تقريرية ونظام متميز للحكامة يجعلها قادرة على تيسير وتحفيز الاستثمار، علاوة على إحداث لجنة جهوية موحدة من أجل تبسيط المساطر وتيسير البت في مشاريع الاستثمار المراد إنجازها جهويا.   

ثانيهما: التأطير القانوني لإحداث المقاولات بطريقة إلكترونية، والتدبير الإلكتروني للسجل التجاري، والتدبير الإلكتروني لعمليات التحفيظ العقاري، وتفعيل مرصد آجال الأداء لمواكبة المقاولات فيما يخص مستحقاتها لدى زبنائها العموميين، علاوة على التأطير القانوني الجديد الذي يهم المنازعات ذات الصلة بالصفقات والطلبيات العمومية المتعلقة بالجماعات الترابية.

وقد هم هذا المحور كذلك صدور عدة نصوص تشريعية همت مراجعة جزئية لقوانين الشركات التجارية في ما يخص حماية حقوق الأقلية ونظام حكامة هذه الشركات، ونصوص تنظيمية خصت قطاع التأمينات وسوق الرساميل والقطاع البنكي.

ولعل الإشارة لازمة في هذا السياق إلى أن السنة الماضية قد تميزت بالمراجعة التشريعية العميقة لمدونة التجارة، ولا سيما منها المقتضيات المتعلقة بصعوبة المقاولة، حيث تم إدخال إصلاحات جوهرية لمعالجة وضعية المقاولات التي تعاني من المديونية، كما تميزت هذه السنة بإصلاحات عميقة كذلك لقانون الالتزامات والعقود ومدونة التجارة أيضا، همت نظام الضمانات المنقولة، من أجل تمكين المقاولات من الولوج إلى التمويل، مما ستكون له آثار إيجابية على تحسين مناخ الأعمال ببلادنا، تنفيذا لالتزامات الحكومة المضمنة في البرنامج الحكومي ولا سيما تلك المتعلقة بدعم التحول الهيكلي للنسيج الاقتصادي وتحفيز الاستثمار الواردة في المحور الثالث منه.

ج- في ما يخص التشريعات المتعلقة بالإصلاحات ذات الصلة بالمجال الاجتماعي:

     تنفيذا للتوجيهات الملكية السامية، قامت الحكومة بإعداد منظومة من التشريعات الخاصة في شكل مشاريع قوانين ونصوص تنظيمية، همت عدة إصلاحات جوهرية في المجال الاجتماعي، نذكر من أهمها:

- تنزيل الرؤية الاستراتيجية 2015-2030 المتعلقة بإصلاح منظومة التربية والتكوين والبحث العلمي من خلال اعتماد مشروع قانون- إطار في هذا الشأن، يشكل إطارا مرجعيا جديدا للارتقاء بالمدرسة المغربية؛ 
- إرساء منظومة وطنية متكاملة ومندمجة لتسجيل الأسر والأفراد الراغبين في الاستفادة من برامج الدعم الاجتماعي، وتحسين مردودية البرامج الاجتماعية، وذلك عن طريق إحداث سجل اجتماعي موحد؛

- مراجعة الإطار التشريعي المتعلق بتدبير أملاك الجماعات السلالية وتنظيم الوصاية عليها؛ 

- وضع تشريع جديد يتعلق بتنظيم عمليات التبرع العمومي يحدد على الخصوص كيفية جمع التبرعات وتنظيمها وتوزيعها وتتبعها ومراقبتها.

      وجدير بالذكر أن الحكومة قد أعدت كذلك جملة من مشاريع النصوص التي أطرت من خلالها عددا من الأنشطة الاجتماعية والمهنية وعددا من القطاعات في إطار مقاربة لتوسيع نطاق التغطية الاجتماعية وإعادة هيكلة بعض القطاعات والأنشطة، من ذلك مشاريع النصوص المتعلقة بتنظيم أنشطة الصناعة التقليدية، وقطاع التعاونيات، وأنشطة التكوين المستمر في القطاع الخاص، وتمكين المهنيين والعمال المستقلين والأشخاص غير الأجراء من التأمين الإجباري الأساسي عن المرض ونظام خاص للمعاشات، وتأطير عمل العمال والعاملات المنزليين.

د: في ما يتعلق بالممارسة الاتفاقية والملاءمة التشريعية مع الالتزامات الدولية:

      في هذا الصدد، تداول مجلس الحكومة في ما مجموعه 95 اتفاقية دولية، منها 73 اتفاقية ثنائية همت الميادين الضريبية والحماية المتبادلة للاستثمارات والخدمات الجوية والمجالات الفلاحية والتجارية والأمنية والجنائية، وما يناهز 22 اتفاقية متعددة الأطراف، 7 منها في إطار الاتحاد الإفريقي مواكبة للسياسة الإفريقية لجلالة الملك، موضوع المحور الخامس من البرنامج الحكومي، وكذا اتفاقيتين في إطار الاتحاد الأوروبي و 13 اتفاقية أخرى.

      هذا، وقد صادقت الحكومة على جملة من النصوص القانونية المتخذة في إطار الملاءمة مع أحكام الاتفاقيات الدولية التي أبرمتها المملكة، لا سيما مجموعة القانون الجنائي والمسطرة الجنائية ومدونة التجارة ومجال الصيد البحري، إضافة إلى الآليات الوزارية المحدثة سواء في مجال التنمية المستدامة أو تسهيل إجراءات التجارة الخارجية أو تنسيق إجراءات مكافحة الاتجار بالبشر والوقاية منه. 

مما جعل حقبة سنتين الأولى من عمر هذه الحكومة من أخصب الحقب على مدى العقدين الأخيرين، في علمي - على مستوى الإنتاج القانوني وسن الإصلاحات الكبرى من لدن الجهاز التنفيذي.


ثالثا: القضايا التي تم عرضها على اجتماعات مجلس الحكومة وتدخلات السيدات والسادة أعضاء الحكومة

بالموازاة مع النشاط التشريعي لمجلس الحكومة، قدم السيد رئيس الحكومة والسيدات والسادة أعضاء الحكومة خلال السنتين الماضيتين  72 عرضا محوريا و 27 إفادة، همت مختلف محاور السياسات العمومية، والإصلاحات القطاعية، والقضايا ذات الأولوية التي استأثرت باهتمام الرأي العام، فضلا عن مواقف بلادنا إزاء عدد من القضايا الوطنية والإقليمية والدولية.

كما تم خلال اجتماعات مجلس الحكومة المصادقة على تعيين ما يناهز 352 مسؤولا في مناصب عليا.

ويتبين من خلال المعطيات المقدمة، أن النشاط التشريعي والتنظيمي للحكومة قد شغل حيزا وافرا من أشغال اجتماعات المجلس، حيث عرضت على جميع اجتماعات مجلس الحكومة خلال السنتين المنصرمتين، وبدون استثناء، مشاريع نصوص قانونية، وهذه خاصية أخرى، لا بأس أن نضعها في سجل منجزات هذه الحكومة، رغم أن التداول في مشاريع القوانين والمراسيم لا يشكل إلا جانبا من أحد عشر مجالا محددا في الفصل 92 من الدستور، وأن القضايا الآنية والعروض المحورية التي تهم السياسات العمومية التي يشرف عليها السيدات والسادة أعضاء الحكومة، جديرة بأن تحظى بنفس الاهتمام الذي تحظى به مشاريع النصوص التشريعية والتنظيمية التي تعرض على مجلس الحكومة، علما بأن مناقشة المجلس لهذه القضايا والعروض، ولا سيما منها التي تكتسي أهمية حيوية بالنسبة للمواطنين، تعتبر من صميم صلاحيات المجلس دستوريا. 

والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.        
 

النشرة الإخبارية