كلمة السيد رئيس الحكومة بمناسبة إطلاق الحملة 18 لوقف العنف ضد النساء حول موضوع:  "التكفل بالنساء ضحايا العنف"

1_6.jpeg

بسم الله الرحمان الرحيم
السيدات والسادة الوزراء؛
السيدات والسادة ممثلي القطاعات الحكومية والمؤسسات الوطنية والشركاء الدوليين وجمعيات المجتمع المدني، سواء الحاضرين معنا أو المشاركين عن بعد؛
الحضور الكريم
بداية أتقدم بالشكر لكافة الشركاء المساهمين في هذه الحملة وأخص بالذكر جمعيات المجتمع المدني التي تقوم بأدوار مهمة، لكن بسبب ظروف الجائحة لا يمكن للجميع الحضور معنا في هذا الحدث الهام. 
كمايطيب لي أن أترأس اليوم فعاليات إطلاق الحملة الوطنية 18ال لوقف العنف ضد النساء التي تنظم هذه السنة حول موضوع: التكفل بالنساء ضحايا العنف وباعتماد شعارها الثابت:" مغاربة متحدين وللعنف ضد النساء رافضين"، لأجدد عزم الحكومة والتزامها الكامل والقوي لمواجهة هذه الظاهرة بكل الوسائل القانونية والثقافية والتربوية والفنية والإبداعية والإعلامية والتوعوية وغيرها، لأنها ظاهرة اجتماعية نحتاج أن نستعمل كافة الوسائل لمحاصرتها ومعالجة آثارها.  
وأغتنم هذه المناسبة كذلك لأعبر عن انشغالنا بمخاطر هذه الظاهرة التي تمس بالحقوق الإنسانية للنساء وتهدد الاستقرار الأسري والاجتماعي وتساهم في نشأة أجيال متشبعة بثقافة العنف التي ننبذها في كل المجالات والأزمنة. 
إن العنف ضد المرأة انتهاك لحقوق الإنسان ومعضلة من معضلات الصحة العمومية والاجتماعية. ذلك أنه يمس السلامة الجسدية والنفسية للمرأة ويهدد حياتها ويعطل مشاركتها في تنمية أسرتها وبلدها، وفي الظاهرة احتقار للمرأة، لأن أثارها السلبية تتجاوز حدود الفرد لتصل للأسر والمجتمعات، مؤثرة سلبا على النمط الثقافي الذي يجب أن يسود في بلد عريق كالمغرب. 
إن بلادنا، بقيادة جلالة الملك حفظه الله، تسعى إلى تحقيق المناصفة، ونحن بلد اعتمد دائما قيم الحوار والمساواة والتعايش داخل المجتمع وهي القيم كلما ترسخت، كلما ساهمت في معالجة الظاهرة والحد منها.  
كما أن المغرب، بتوجيهات ملكية سامية، ومن خلال مسيرة طويلة، عمل على ضمان حقوق المرأة والنهوض بأوضاعها ولقد شكّل دستور 2011 لحظة فارقة لأنه نص في عدد من فصوله على حظر كل أشكال التمييز بين المرأة والرجل.  
والأكيد أن المضامين الدستورية شكلت أرضية صلبة انطلقنا منها بعدد من المبادرات التي تعززت مع مرور الوقت، إذ  اشتغلت الحكومة بطريقة تشاركية في ضع خطة "إكرام"، وبرنامج "التمكين"، والسياسة الوطنية لمناهضة العنف ضد النساء المتمثلة في الاستراتيجية لمحاربة العنف ضد المرأة، و"إعلان مراكش لمناهضة العنف ضد النساء" بتاريخ 8 مارس 2020، تحت الرئاسة الفعلية لصاحبة السمو الملكي الأميرة للا مريم. كل هذا الزخم من البرامج والمشاريع عزز الدينامية القائمة بإشراك وتوحيد جهود المؤسسات المعنية والفاعلين الوطنيين لمواجهة الظاهرة، وهذا ما يعكسه الشعار الذي يؤطر الحملات الوطنية لمناهضة العنف ضد النساء "متحدين وللعنف ضد النساء رافضين". إنه التزام مغربي مهم ولابد أن يصبح ثقافة، علما أنه قبل سنتين، خرج إلى الوجود قانون محاربة العنف ضد النساء وصدرت مراسيمه التطبيقية،كما تم تنصيب اللجنة الوطنية لمكافحة العنف، وهي لجنة مهمة هدفها تفعيل مقتضيات القانون وننتظر تقريرها السنوي الأول الذي سيمكن من معرفة الجهود التي قامت بها بلادنا، والوقوف على النقائص التي يمكن تداركها. 
ونحن اليوم مجتمعون لنؤكد أن لدينا إرادة جماعية وعلينا التعاون بمنطق وطني، بتظافر كافة المؤسسات، بما في ذلك القضا والأمن، الجميع له دوره وأحيي جميع الجهود وأخص بالذكر المجتمع المدني، ونحن هنا لندعم جهوده في بث القيم الثقافة المثلى وفي التكفل بنساء ضحايا العنف.
حضرات السيدات والسادة؛
نحن هنا اليوم في أجواء الحملة الوطنية 18 لوقف العنف ضد النساء لنجدد تأكيدنا على أولوية النهوض بحقوق النساء في كل  المجالات وفي كل مراحل العمر، وللتذكير بأن حقوق النساء وحمايتهن من كافة أشكال العنف والتمييز هي أولوية من الأولويات الوطنية الثابتة التي لا تقبل التأجيل بفعل تأثير الأزمات أو غيرها. 
نحن هنا في هذه اللحظة لنتقاسم انشغالنا وبالتالي لنجدد التأكيد على إرادتنا لتجاوز التحديات المرتبطة بسياق جائحة كوفيد 19 على الجميع وخصوصا النساء في وضعية هشة أو ضحايا العنف.  
 وهنا لابد أن أنوه باختيار موضوع " التكفل بالنساء ضحايا العنف" كإشارة إلى الالتزام الجماعي بضرورة تفعيل المكتسبات التي حققتها بلادنا في هذا المجال وخصوصا في هذه الظروف الصعبة التي قد تأثر سلبا على كل الخدمات الاجتماعية التي تقدم للنساء في وضعية صعبة، وأعتبر أنه قد آن الأوان، بعد مرور أزيد من سنتين على دخول القانون 103.13 المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء حيز التنفيذ، للوقوف على ما أنجز وما لم ينجز في هذا المجال، لضمان تكفل لائق وحماية لكافة الضحايا.  
فالقانون 103.13 ومرسومه التطبيقي، الذين نتابع تفعيلهما باهتمام بالغ، يشكلان منظومة متكاملة للتكفل ولتنسيق الجهود بين الفاعلين على كافة الأصعدة الوطنية والجهوية والمحلية، وبالتالي نتطلع أن نرى فعالية هذه المنظومة في تحقيق التكفل اللائق والمواكبة الضرورية للنساء وأن تحظى هذه المنظومة بالدعم السياسي والتقني واللوجستيكي اللازم لجعلها منظومة متاحة وولوجة وفعالة، مع ما يتطلب ذلك من جهود الابتكار والملاءمة  مع سياق جائحة كورونا وغيرها، لضمان استمرارية الخدمات في كل الظروف.
ولابد أن أذكر  بأن أزيد من سنة، منذ 5 شتنبر 2019، قد مرت على تنصيبنا للجنة الوطنية  للتكفل بالنساء ضحايا العنف، من أجل الدفع بتفعيل ما جاء به القانون في بابه الرابع الخاص بالتكفل بالنساء  ورصد كل الفرص والإكراهات، وذلك بالنظر للصلاحيات الهامة التي أسندت إليها بموجب القانون، خاصة على مستوى ضمان التواصل والتنسيق بين مختلف التدخلات لمواجهة العنف ضد النساء والمساهمة في وضع آليات لتحسين تدبير عمل خلايا التكفل بالنساء ضحايا العنف على صعيد كافة التراب الوطني، بالإضافة إلى اختصاصات أخرى ذات الصلة بتقوية آليات الشراكة والتعاون  وخصوصا مع جمعيات المجتمع المدني وتقديم المقترحات وإعداد التقارير. 
 هي فرصة إذا،  ونحن نتطلع لفحص التقرير السنوي الأول للجنة الوطنية للتكفل بالنساء ضحايا العنف، لأشكر السيدات والسادة الوزراء المكلفين بتنفيذ المرسوم التطبيق للقانون 103.13 على ما بذلوه من جهد لتنفيذ مقتضياته، آملا أن يعملوا على تقييم التقدم المحرز في هذا الباب و على تقديم الدعم اللازم لتطوير منظومة التكفل كل حسب اختصاصاته، ولبذل الجهد اللازم لتطويق هذه الظاهرة من مختلف مداخلها، وجعل بلدنا سباقا لبلورة سياسات عمومية وإصدار تشريعات ترتقي بحقوق النساء على المستوى الإفريقي والعربي،  رائدا في مجال حماية حقوق النساء والتمكين لهن اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا وثقافيا ... تحت القيادة الرشيدة لجلالة الـملك محمد السادس، حفظه الله.
حضرات السيدات والسادة؛
أشكر كل من ساهم من قريب أو بعيد حضوريا أوعن بعد في هذه التعبئة المجتمعية حول موضوع التكفل بالنساء، وعلى رأسهم الجمعيات المشرفة على تدبير المراكز متعددة الوظائف للنساء ومراكز الاستماع للنساء ضحايا العنف وكل الفاعلين المؤسساتيين والدوليين ووسائل الإعلام الذين يجعلون من قضايا النهوض بحقوق النساء وحمايتهن رافعة لترسيخ دولة الحق والقانون والمؤسسات، ولتحقيق السلم الاجتماعي.
أتمنى أن تحقق هذه الحملة الثامنة عشر النتائج المرجوة بفضل التعاون المنشود مع الجميع.
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
 

النشرة الإخبارية