كلمة السيد رئيس الحكومة الاجتماع الثامن للجنة الوزارية لشؤون المغاربة المقيمين بالخارج وشؤون الهجرة

3_1.jpeg

بسم الله الرحمان الرحيم والصلاة والسلام على أشرف المرسلين
السيدات والسادة الوزراء،
يطيب لي في البداية أن أرحب بكم بمناسبة اجتماع اللجنة الوزارية لشؤون المغاربة المقيمين بالخارج وشؤون الهجرة، التي تنعقد في ظل ظرفية استثنائية وخاصة جراء تفشي جائحة كوفيد-19 وما يحيط بها من تداعيات اقتصادية واجتماعية وصحية، تفرض العمل على اتخاذ مجموعة من الإجراءات والتدابير بشكل استباقي وتشاركي وبكل مسؤولية بغية إيجاد الحلول والصيغ الملائمة للحد من تبعاتها وآثارها السلبية على المواطنين المغاربة بالداخل والخارج.
إن اجتماعنا اليوم يشكل مناسبة لتدارس أوضاع وشؤون المغاربة المقيمين بالخارج والوقوف على ما تم القيام به من مبادرات وإجراءات من أجل مواكبة هذه الفئة من المغاربة العزيزة علينا جميعا والتجاوب مع متطلباتهم والنهوض بأوضاعهم، داخل وخارج أرض الوطن، في ظل هذه الجائحة. كما يندرج هذا الاهتمام في إطار تنفيذ القرارات والتدابير التي تم اعتمادها من طرف المملكة المغربية، تحت القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، لمواجهة جائحة كورونا وتداعياتها، والتي لقيت استحسانا وثناء على المستوى الوطني والدولي، لما ميزها من تعبئة جماعية لكل مكونات المجتمع المغربي من قطاعات حكومية، ومؤسسات عمومية، ومؤسسات أمنية، وقطاع خاص، ومجتمع مدني بهدف الحفاظ على الصحة العامة وسلامة المواطنين بالدرجة الأولى.
حضرات السيدات والسادة،
لقد دأبت اللجنة خلال اجتماعاتها السابقة الوقوف على حصيلة المنجزات والمكتسبات المحققة لفائدة المغاربة المقيمين بالخارج من طرف مختلف القطاعات والمؤسسات العمومية المعنية، وأيضا تدارس أبرز الإشكاليات والقضايا المطروحة ذات الصلة من أجل النهوض بشؤونهم والتجاوب مع مختلف انتظاراتهم وتطلعاتهم، وذلك تماشيا مع العناية والرعاية الموصولة التي يوليها جلالة الملك محمد السادس، نصره الله، لهذه الفئة من المواطنين المغاربة.
لذلك، يجدر بنا اليوم، الوقوف على أهمية عمل هذه اللجنة وما راكمته من منجزات على مستوى النهوض بالخدمات المقدمة للمغاربة المقيمين بالخارج، وأول ما يمكن تسجيله في هذا الصدد هو الحرص على انتظامية اجتماعات اللجنة، حيث قامت بتنظيم سبع اجتماعات، آخرها نظم يوم 20 يونيو 2019، والتي انبثقت عنها مجموعة من التوصيات الهامة، كان لها الفضل في إيجاد حلول للعديد من الإشكاليات التي تهم مواطنينا المقيمين بالخارج في مختلف المجالات الثقافية منها والتربوية والاجتماعية والمساعدة القانونية والخدمات الإدارية والاستقبال وتعبئة الكفاءات ومواكبة المستثمرين وحاملي المشاريع، وكذا تطوير الشراكة مع المجتمع المدني المغربي بالخارج. ويعكس هذا الاهتمام الحكومي بشؤون مواطنينا بالخارج، المقدر عددهم بحوالي 6 ملايين مواطن ومواطنة، موزعين على القارات الخمس، والتجاوب مع مختلف تطلعاتهم وانتظاراتهم، والمتمحورة أساسا حول ضمان الحفاظ على روابط الصلة بالوطن الأم، وكذا مساعدتهم على تحقيق نجاحاتهم في مختلف مناحي الحياة. 
وفي ذات السياق، لا بأس أن نذكر بأهم ما تم تحقيقه، بفضل انخراط كافة القطاعات والمؤسسات المعنية، على مستوى حصيلة تنفيذ توصيات الاجتماع السابق للجنة، ويتعلق الأمر بما يلي:

  •  التفاعل إيجابا من قبل وزارة الشغل والادماج المهني والصندوق الوطني للضمان الاجتماعي لوضع آلية خاصة بالحماية الاجتماعية لمغاربة العالم بصفة عامة وخصوصا أولئك الذين يقيمون بدول لا تربطها مع المغرب اتفاقيات ثنائية في هذا المجال.
  • وضع وتنفيذ برنامج للمواكبة وتتبع أوضاع النساء العاملات في المجال الفلاحي خلال موسمي 2019 و2020، بالإضافة إلى التنسيق مع الجانب الإسباني من أجل الوقوف على مدى التقيد بالالتزامات ذات الصلة، حيث تم العمل على تعزيز حملات التحسيس والتواصل، كما تم القيام بزيارات ميدانية إلى الضيعات الفلاحية لمواكبة أوضاعهن.
  • وجود اتفاقيات في طور التفاوض مع كل من الكويت والهند وروسيا واليونان وكرواتيا وقبرص والطوغو وجيبوتي والكوت ديفوار بشأن الاعتراف المتبادل برخص السياقة.
  • إيجاد حلول لعملية استبدال رخص السياقة ببعض الدول عبر معالجة أزيد من 28.520 طلب خاص باستبدال رخص السياقة للمغاربة المقيمين بإسبانيا خلال سنة 2019، بالإضافة إلى العديد من الطلبات بدول أخرى. 
  • القيام بمجهودات متواصلة لتوسيع الاستفادة من خدمة النقل الجوي عبر تحرير قطاع النقل الجوي والرفع من الطاقة الاستيعابية للمطارات وإطلاق خطوط جوية جديدة نحو عدد من الدول كالصين ودول إفريقية وأمريكا الشمالية (بوسطن، ميامي).
  • التسريع بإخراج وثيقة الإطار المرجعي لتعليم اللغة العربية والثقافة المغربية، والتي ينكب على مراجعتها حاليا مفتشو تعليم اللغة العربية والثقافة المغربية بالخارج.
  • تنسيق مستمر مع مختلف الدول الشريكة في إطار اللجن المشتركة المعنية باتفاقيات الضمان الاجتماعي، والتي همت خلال الشهور القليلة الماضية اللجنة المشتركة المغربية-التونسية وأيضا اللجنة المغربية السويدية.

 
حضرات السيدات والسادة،
إننا إذ نثمن كل ما تم تحقيقه وإنجازه على مستوى عمل هذه اللجنة لفائدة مواطنينا المقيمين بالخارج بفضل انخراط مختلف القطاعات والمؤسسات المعنية، فإنه بالمقابل تجابهنا تحديات واقع جائحة كوفيد-19 وما قد تحمله من تداعيات على هذه الفئة من المغاربة، وهو ما يتطلب العمل وفق مقاربة تشاركية واستباقية وتضامنية، والتي يمكن تجسيدها في عمل اللجنة الوزارية لشؤون المغاربة المقيمين بالخارج وشؤون الهجرة التي تضطلع بدور التنسيق وتحقيق التقائية جهود مختلف المتدخلين المعنيين بشؤون المغاربة المقيمين بالخارج.

 كما تعلمون، كل بلدان العالم تمر اليوم بسياق ظرفية صعبة جراء تفشي الجائحة والتي فرضت اتخاذ جملة من التدابير بهدف التصدي لانتشارها، مما أثر بشكل كبير على مختلف مناحي الحياة خلال التسبب في إيقاف شبه تام لمختلف الانشطة الاقتصادية والإنتاجية والنقل والمبادلات التجارية والنظم المالية العالمية وغير ذلك. 
إن تحديات هذا الواقع وما قد ينجم عنه من تداعيات ونتائج سلبية على أوضاع المهاجرين عبر العالم، بمن فيهم المغاربة المقيمين بالخارج، جراء الشلل الذي أصاب العديد من الانشطة الاقتصادية والخدماتية، وأيضا الانكماش الاقتصادي المتوقع بالعديد من دول الإقامة ليدعونا إلى وضع مقاربة تشاركية واستباقية من شأنها التجاوب مع أوضاع المغاربة المقيمين بالخارج ومواكبتهم في ظل هذه الظرفية الصعبة، وأيضا استشراف ما قد ينجم عن الجائحة من تداعيات سلبية.
وفي هذا الصدد، قامت بلادنا باتخاذ مجموعة من التدابير الاستعجالية لمواكبة المطالب الآنية الملحة والمستعجلة للمغاربة المقيمين بالخارج، كما تم إعداد مخطط استعجالي لمواجهة مختلف التداعيات الناجمة عن الجائحة، وستتطرق السيدة الوزيرة لأهم ما تم اتخاذه في هذا الشأن وكذا أهم مضامين هذا المخطط الاستعجالي.
 في علاقة بهذا الموضوع، أود التطرق للمجهودات المبذولة من طرف الحكومة فيما يخص تدبير ملف المغاربة الذين وجدوا أنفسهم عالقين خارج أرض الوطن، وكذا المغاربة المقيمين بالخارج الذين تزامن وجودهم بأرض الوطن مع قرار إغلاق الحدود الوطنية. وهنا أريد أن أشير إلى أنه حرصا على صحة المجتمع المغربي وسلامة وأمن مواطنيه، وفقا للتوجيهات الملكية السامية، راهنت بلادنا على تحسن الحالة الوبائية من أجل تلبية الطلبات ذات الصلة وانطلاق عملية العودة بعد توفر كافة الضمانات لحماية صحة العائدين ومحيطهم الأسري وكافة المواطنين.

لقد ظل التواصل دائما مع هذه الفئة، حيث تم التجاوب مع مختلف استفساراتهم وطلباتهم، من خلال التكفل بإيواء عدد منهم، وكذا تقديم المساعدة والرعاية الطبية، بالإضافة إلى إيجاد حل للوضعية القانونية لعدد منهم، فضلا عن الإبقاء على استمرارية الخدمات القنصلية خلال هذه الأزمة.
وكما تعلمون، شرعت بلادنا، منذ منتصف شهر ماي، وبمجرد بروز مؤشرات على تحسن الوضعية الوبائية، في إعادة المواطنين العالقين، حيث تم اختيار المستفيدين بناء على معايير إنسانية تندرج في صميم الاستراتيجية الشاملة المعتمدة في المغرب، طبقا للتوجيهات السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، والتي همت أساسا أولئك الذين غادروا المغرب بتأشيرة لفترة قصيرة الأمد لأسباب عائلية أو علاجية أو مهنية والذين يعانون من هشاشة صحية أو مادية أو اجتماعية.
ففي إطار تنفيذ هذه العملية فقد تمكن، لحد الآن، أزيد من 10.744 مواطن ومواطنة من العودة إلى أرض الوطن على متن 74 رحلة جوية للخطوط الملكية المغربية التي تم تنظيمها خصيصا لهذا الغرض وهمت العديد من الدول. وسيتم مواصلة تنظيم عملية عودة المغاربة العالقين في دول أخرى، وذلك في احترام تام لتدابير السلامة الصحية وفق بروتوكول صحي يضمن صحة جميع المواطنين.
وبالنسبة للمغاربة المقيمين بالخارج الذين تزامن تواجدهم بأرض الوطن مع إغلاق الحدود البرية والبحرية والجوية للمملكة، فقد تم تمكين 45.309 مواطن ومواطنة من الالتحاق ببلدان إقامتهم عبر مختلف الرحلات الخاصة التي نظمتها السفارات والقنصليات الأجنبية لإعادة مواطنيها العالقين في المغرب، تحت إشراف السلطات المغربية.

حضرات السيدات والسادة،
إن أهم ما يتعين الخروج به من هذا الاجتماع هو تقاسم رؤية موحدة بين جميع المتدخلين المعنيين، من قطاعات ومؤسسات عمومية، بشأن مضامين مشروع مخطط العمل الذي تم وضعه لمواكبة مختلف التداعيات المحتملة لجائحة كوفيد-19 على المغارية المقيمين بالخارج.
 ولعل أبرز ما تتطلبه هذه المرحلة هو رقمنة الخدمات المقدمة للمغاربة المقيمين بالخارج، وأيضا اتخاذ التدابير والاجراءات التي من شأنها التجاوب مع مختلف حاجياتهم في ظل الجائحة، سواء بأرض الوطن أو ببلدان الإقامة، بما في ذلك توسيع الحماية الاجتماعية ووضع آليات تحفيزية لتعبئة الكفاءات والاستثمارات من أجل المساهمة في النهوض بالاقتصاد الوطني. وفي هذا الصدد، لابد من التأكيد على ضرورة الاستحضار الدائم للتعليمات والتوجيهات الملكية السامية ذات الصلة والتي تشكل إلى جانب ما تضمنه البرنامج الحكومي 2016-2021 من تعهدات تروم خدمة مصالح مغاربة العالم والمهاجرين المقيمين بالمغرب مرجعا أساسيا للعمل الحكومي.
ختاما لا يسعني إلا أن أنوه بانخراط مختلف القطاعات والمؤسسات أعضاء اللجنة في سبيل النهوض بمستوى الخدمات الموجهة لمواطنينا بالخارج والاعتناء بشؤونهم العامة، كما أهيب بالجميع، كل حسب اختصاصه، بذل المزيد من العمل من أجل تنفيذ مختلف التوصيات الصادرة عن هذه اللجنة، وأيضا مواصلة تنزيل مختلف البرامج الرامية إلى النهوض بأوضاع وشؤون المغاربة المقيمين بالخارج.
وفقنا الله وإياكم جميعا لما فيه خير وطننا، والسلام عليكم ورحمة الله.
 

النشرة الإخبارية