كلمة رئيس الحكومة الدكتور سعد الدين العثماني في المؤتمر الوطني لحقوق الطفل في دورته السادسة عشرة

16.jpeg

كلمة 
الدكتور سعد الدين العثماني
 رئيس الحكومة


المؤتمر الوطني لحقوق الطفل 
مراكش، 22 نوفمبر 2019

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه،
السيدات والسادة الوزراء؛

حضرات السيدات والسادة؛
يسعدني أن أترأس اليوم هذه الجلسة الافتتاحية الرسمية في موضوع "الطفولة المغربية: حصيلة وآفاق" والتي تنعقد في إطار فعاليات المؤتمر الوطني لحقوق الطفل في دورته السادسة عشرة، الذي ينظمه المرصد الوطني لحقوق الطفل تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله والرئاسة الفعلية لصاحبة السمو الملكي الأميرة الجليلة للا مريم، وهي فرصة جماعية للتقييم والاستشراف. 

التزام قوي منذ 30 سنة على أعلى مستوى وأكده دستور المملكة

  • توقيع بنيويورك سنة 1989 من طرف جلالة الملك الحسن الثاني رحمه الله

هذا المؤتمر الذي يتزامن مع الذكرى الثلاثين لتوقيع بلادنا على الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل. ولقد كان المغرب من بين البلدان الأولى التي بادرت في نفس سنة إقرار الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل إلى التوقيع عليها من طرف جلالة الملك الحسن الثاني شخصيا، رحمه الله سنة 1989 بمدينة نيويورك الأمريكية.

  • عناية خاصة ومتجددة مع جلالة الملك محمد السادس حفظه الله

وبفضل العناية الخاصة التي يوليها جلالة الملك محمد السادس، حفظه الله، للنهوض بأوضاع الطفولة، أصبحت هذه الاتفاقية مرجعية أساسية لمجموعة من السياسات والمخططات والبرامج الوطنية الخاصة بالطفولة.  حيث ما فتئ جلالة الملك يشير في خطبه إلى حقوق الطفل، وقد تضمنت الرسالة الملكية بمناسبة الدورة الثامنة لقمة منظمة المدن والحكومات المحلية المتحدة الإفريقية «أفريسيتي»، 24 نونبر 2018 بمراكش، توجيهات سامية في هذا الإطار؛ حيث قال جلالته: " فيجب ألا تنحصر جهود حماية الأطفال في الحفاظ على سلامتهم الجسدية والمعنوية والنفسية، بل ينبغي أن تقترن أيضا بتوفير الشروط الكفيلة بالنهوض بأوضاعهم الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. (...) فهذا التحدي، وإن كان جسيما بحمولته، فهو جدير بأن نخوض غماره من أجل كسب الرهانات المرتبطة به"

  • التزام شخصي لرئيسة المرصد صاحبة السمو الملكي الأميرة الجليلة للامريم

من جهة أخرى، شكل الالتزام الشخصي لصاحبة السمو الملكي الأميرة الجليلة للامريم، رئيسة المرصد الوطني لحقوق الطفل، محددا حاسما في النهوض بحقوق الطفل ببلادنا؛ حيث تمكن هذا المرصد من خلق دينامية وطنية هامة من خلال مبادراته النوعية لفائدة الأطفال في مختلف المجالات، كما كان دوره بارزا في الارتقاء بحقوق الطفل وتعزيزها، من خلال الدفع بالعديد من الأوراش المهيكلة.

  • دستور المملكة يكرس حقوق الطفل

وقد شكل دستور 2011 منعطفا تاريخيا إضافيا، ارتقى بحق الطفل في الحماية وجعله حقا دستوريا، إذ نص في الفصل 32 على أن الدولة تسعى لـ «توفير الحماية القانونية، والاعتبار الاجتماعي والمعنوي لجميع الأطفال، بكيفية متساوية، بصرف النظر عن وضعيتهم العائلية». كما نص على أن «التعليم الأساسي حق للطفل وواجب على الأسرة والدولة»، وأحدث مجلسا استشاريا للأسرة والطفولة.
حضرات السيدات والسادة؛


انخراط مستمر في المنظومة الدولية 

  • التوقيع على عدد من الاتفاقيات والبروتوكولات الدولية

لا شك أن المغرب حقق تقدما مهما في مجال حقوق الطفل، بفضل جهود متراكمة، على المستويات التشريعية والتنظيمية، التي بذلت لتكريس هذه الحقوق منذ التوقيع على اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الطفل عام 1989، ثم بالانخراط في هذه المنظومة من خلال التوقيع على مجموعة من الاتفاقيات والبروتوكولات مثل البروتوكول الاختياري الثالث لاتفاقية حقوق الطفل المتعلق بإجراء تقديم البلاغات سنة 2013 وهي نفس السنة التي تم التوقيع فيها على ثلاث اتفاقيات لمجلس أوروبا تتعلق على التوالي ب اتفاقية «لانزاروت» الخاصة بحماية الأطفال من الاعتداء والاستغلال الجنسي والاتفاقية المتعلقة بممارسة حقوق الطفل و الاتفاقية بشأن العلاقات الشخصية للطفل. كما صادقت بلادنا على مجموعة من الاتفاقيات الدولية التي لها تأثير مباشر على حقوق الطفل، سواء تعلق الأمر بحماية الأطفال من التعذيب والمعاملة القاسية أو حماية العمال المهاجرين التي تضمن حماية لأفراد أسرهم، وحماية الأطفال من الجريمة المنظمة العابرة للحدود، ومن الاتجار بالبشر، والقضاء على جميع أشكال التمييز ضد الفتاة.

  • انضمام المغرب لأهداف الألفية ثم لأهداف التنمية المستدامة

من جهة أخرى، شكل انضمام المغرب إلى أهداف الألفية للتنمية سنة 2000 منعطفا مهما في تحسين المؤشرات المتعلقة بوضعية الطفولة على مجموعة من المستويات. كما التزمت بلادنا سنة 2015 بتنفيذ خطة أهداف التنمية المستدامة 2030، حيث أكد جلالة الملك محمد السادس في خطابه السامي الموجه للدورة 70 للجمعية العامة للأمم المتحدة المنعقدة في 30 شتنبر 2015، على أن هذه الدورة "تكتسي أهمية خاصة، لكونها ستشهد بالأساس المصادقة على خطة التنمية المستدامة لما بعد 2015. وهي مناسبة لتأكيد التزامنا الجماعي من أجل تحقيق الأهداف النبيلة، التي يدعو إليها ميثاق منظمتنا، والاستجابة لتطلعات شعوب العالم".

ترسانة قانونية معتبرة


شهد الإطار القانوني المغربي في مجال حماية الطفولة نشاطا ديناميكيا ملموسا وثابتا، من خلال اعتماد العديد من النصوص القانونية التي ساهمت في قيادة تغييرات هامة في المشهد المؤسساتي وفي وضع حقوق الطفل.

 
وقد عملت الحكومة على تعزيز هذه الترسانة القانونية سنة 2016، باستصدار مجموعة من النصوص التشريعية والتنظيمية من بينها: 

  • القانون رقم 19.12 المتعلق بتحديد شروط الشغل والتشغيل المتعلقة بالعمال المنزليين، الذي يمنع تشغيل الأطفال أقل من 18 سنة في العمل المنزلي، 
  • والقانون الإطار رقم 97.13 المتعلق بحماية حقوق الأشخاص في وضعية إعاقة والنهوض بها، الذي تضمن مقتضيات تهم حماية حقوق الأطفال في وضعية إعاقة،
  • وإخراج القانون رقم 78.14 المتعلق بالمجلس الاستشاري للأسرة والطفولة، باعتباره مؤسسة دستورية ستتولى مهمة تأمين تتبع وضعية الأسرة والطفولة، وإبداء آراء حول المخططات الوطنية المتعلقة بهذه الميادين، وإثراء النقاش العمومي حول السياسات العمومية في مجال الأسرة والطفولة، وضمان تتبع وإنجاز البرامج الوطنية، 
  • وأيضا إخراج القانون رقم 27.14 المتعلق بالإتجار بالبشر، الذي يشدد العقوبة في حال ارتكاب جريمة الاتجار بالبشر ضد قاصر دون 18 سنة.

كما عرفت سنة 2018 استصدار قوانين أخرى لا تقل أهمية مثل: 

  • القانون رقم 65.15 المتعلق بمؤسسات الرعاية الاجتماعية، الذي يهدف إلى إصلاح وتعزيز هذه المؤسسات، بما فيها المؤسسات الخاصة باستقبال الأطفال، 
  • والقانون رقم 76.15 المتعلق بإعادة تنظيم المجلس الوطني لحقوق الإنسان، الذي تضمن الآلية الوطنية للطعن في انتهاكات حقوق الطفل. 
  •  كما يشكل القانون الإطار رقم 17-51 المتعلق بمنظومة التربية والتكوين والبحث العلمي، والذي تمت المصادقة عليه في غشت 2019، لحظة تاريخية هامة في تعزيز حقوق الطفل في مجال حساس وهو التعليم.

برامج ومخططات حكومية وعمل مؤسساتي

  • البرنامج الحكومي

تَضَمن البرنامج الحكومي مجموعة من الالتزامات تهم مجال حماية الطفولة، حيث جاء في المحور الرابع المتعلق بتعزيز التنمية البشرية والتماسك الاجتماعي والمجالي، ولاسيما في مجال تقوية أنظمة الرعاية الاجتماعية ودعم الأسرة والطفولة، مجموعة من التدابير التي تعمل مكونات الحكومة على تنزيلها. ومن بين الإجراءات التي تعهدت الحكومة بتنفيذها خلال هذه الولاية الحكومية في مجال الطفولة الإجراء المتعلق بتفعيل السياسة العمومية المندمجة لحماية الطفولة.

  • السياسة العمومية المندمجة لحماية الطفولة للفترة 2015-2025

من جهة أخرى، عملت بلادنا على تطوير عدد من السياسات وخطط العمل الخاصة بالطفل. وفي هذا الإطار، اعتمد الحكومة في سنة 2015 السياسة العمومية المندمجة لحماية الطفولة للفترة 2015-2025. 
وتعكس هذه السياسة التي تمت ترجمتها إلى خمسة أهداف استراتيجية، شكلا جديدا من أشكال الاستجابة العمومية في التغيير الاستراتيجي، أخذا بعين الاعتبار الطابع متعدد الأبعاد لحماية الأطفال والطابع العرضاني لهذه القضية. وقد تميزت هذه السياسة باعتماد منطق ومقاربات جديدة للتدخل، ويتعلق الأمر بمقاربة مندمجة ونظامية وأخرى خاصة بالتدبير المبني على النتائج. وفي سنة 2016، تم اعتماد البرنامج الوطني التنفيذي لهذه السياسة العمومية المندمجة للفترة الممتدة من 2015 إلى 2020. 

  • سياسات ومخططات قطاعية مواكبة

وقد تم دعم هذه السياسات والبرامج والمخططات، بفضل المجهودات الهامة لمختلف المؤسسات والقطاعات الوزارية كل حسب اختصاصاته في مجال حقوق الطفل. كما تم في سنة 2018، اعتماد مخطط الصحة 2025، واعتماد الرؤية الاستراتيجية 2015-2030 التي أعدها المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي، والتي مكنت من اعتماد القانون الإطار رقم 17-51 كمبادرة جديدة في تاريخ إصلاح المنظومة التعليمية المغربية.

  • ارتقاء مؤسساتي

كما نجح المغرب في تحقيق تطور تدريجي للآليات من لجن متخصصة إلى قطاعات وزارية معنية بالطفولة.  كما عمل المغرب على تعزيز آليات التنسيق في مجال تتبع اتفاقية حقوق الطفل والسياسات والمخططات والبرامج الوطنية المنبثقة عنها، من خلال اللجنة الوزارية للطفولة التي عرفت تطورا ما بين سنتي 2005 و2014؛ حيث تمت مأسسة هذه اللجنة الوزارية بمقتضى مرسوم وأصبحت تحمل اسم «اللجنة الوزارية المكلفة بتتبع تنفيذ السياسات والمخططات الوطنية في مجال النهوض بأوضاع الطفولة وحمايتها»، التي يرأسها رئيس الحكومة، وتضم في عضويتها 22 قطاعا وزاريا و3 مؤسسات وطنية، وتقوم بمجموعة من المهام من بينها: تتبع إعمال الاتفاقيات الدولية ذات الصلة بمجال حقوق الطفل التي صادق عليها المغرب، لاسيما الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل والبروتوكولات الملحقة بها و اتخاذ التدابير اللازمة لضمان حسن التنسيق بين مختلف السلطات الحكومية.

إصلاحات أسفرت عن تحسن في عدد من المؤشرات 


لقد كان لهذه الإصلاحات الدستورية والتشريعية والمؤسساتية ولتنفيذ برامج العمل والمخططات دور مهم في تحسين المؤشرات الخاصة بالطفل. 

  • الحق في الصحة

ففي مجال الحق في الصحة والحياة السليمة، وضع المغرب مجموعة من المخططات والبرامج والتدابير، مع إعطاء الأولوية للوسط القروي، لتقليص الفوارق المسجلة وتحقيق الإنصاف بين جميع الأطفال للاستفادة من الخدمات الصحية. 
وقد ساهم ذلك في تحقيق نتائج مهمة متعلقة مثلا بخفض وفيات الأطفال والأمهات بين 1980و2018؛ حيث انخفض معدل وفيات الأطفال حديثي الولادة بنسبة بلغت 38% وانخفض معدل وفيات الأطفال أقل من سنة بنسبة بلغت 37%. كما انتقل معدل وفيات الأطفال دون السن الخامسة من 79 في الألف سنة 1990 إلى 22 في الألف سنة 2018، متجاوزا بذلك هدف التنمية المستدامة لسنة 2030. كما تم تحقيق نتائج مهمة في تعميم التلقيح والمكملات الغذائية والتشجيع على الرضاعة الطبيعية ما بين 2011 و2018؛ حيث ارتفع نسبة الأطفال الذين أتموا جميع اللقاحات المحددة في جدول التلقيح الوطني إلى 94,5%. كما انخفض مؤشر التأخر الناتج عن سوء التغذية ومؤشر نقص الوزن بين 2004 و2018.

  •  الحق في التربية

أما في مجال الحق في التربية، فقد قامت بلادنا بإصلاحات مهيكلة للنهوض بالحق في التعليم وللتربية؛ وجعلت منه أولوية ثانية بعد الوحدة الترابية. وتشكل الموارد المالية المخصصة لقطاع التعليم والتكوين 6% من الناتج الداخلي، بغلاف مالي عرف ارتفاعا مطردا خلال السنوات الثلاثة الأخيرة، إذ بلغ على التوالي إلى ما يقارب 60، ف68، ثم 72 مليار درهم عن السنوات 2017، ف2019 ثم 2020. 
وقد تطور عدد المتمدرسين ما بين 2015 و2018؛ حيث ارتفع عدد الأطفال المتمدرسين بجميع الأسلاك من 5.837.520 إلى 6.033.986 بزيادة تقدر بـ 3.25 % وتطورت نسبة تمدرس الإناث بزيادة تقدر بـ 4.35%. 

  •  التعليم الأولي

وتعتبر تربية وحماية الطفولة المبكرة أولوية من الألويات التي سطرتها الدولة ضمن أوراشها الكبرى الرامية إلى النهوض بالمجتمع والارتقاء به، حيث أكد جلالة الملك محمد السادس، حفظه الله، في الرسالة السامية الموجهة للمشاركين في اليوم الوطني حول التعليم الأولي يوم 18 يوليوز 2018 على إلزامية التعليم الأولي بقوة القانون بالنسبة للدولة والأسرة وتركيز الجهود على الحد من التفاوتات بين الفئات والجهـات، خاصة بالمناطق القروية والنائية، وشبه الحضرية بالإضافة إلى تشجيع ولوج الفتيات للتعليم الأولي، والاهتمام بالأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة، عملا بمبدأ التمييز الإيجابي.

  • التربية الدامجة

وفي 26 يونيو 2019، أعطت الحكومة الانطلاقة الرسمية للبرنامج الوطني للتربية الدامجة للأشخاص في وضعية إعاقة؛ هذا البرنامج الذي تهدف الحكومة من خلاله لتوفير المستلزمات الكفيلة بضمان إنصاف هؤلاء الأشخاص وتحقيق شروط نجاحهم الدراسي؛ كما تهدف إلى محاربة التمثلات السلبية والتصورات النمطية عن الإعاقة من خلال التربية على القيم وحقوق الإنسان، وفي الإعلام بمختلف أنواعه وقنواته. 

  • برامج اجتماعية داعمة

كما تساهم مجموعة من البرامج والمبادرات العمومية في تحسين المؤشرات المتعلقة بحقوق الطفل، في مقدمتها برنامج تيسير، والمبادرة الملكية مليون محفظة، وبرنامج دعم التكافل العائلي، وبرنامج دعم تمدرس الأطفال في وضعية إعاقة. وهكذا نجد أن عدد الأطفال المستفيدين من نظام راميد قد انتقل من 3،9 مليون طفل سنة 2016 إلى 4.9 مليون طفل سنة 2018. وانتقل عدد التلاميذ المستفيدين من برنامج تيسير من 734.000 تلميذ خلال الموسم الدراسي 2016-2017 إلى 2.087.000 تلميذ خلال الموسم الدراسي 2018-2019. كما بلغ عدد المستفيدين من برنامج مليون محفظة 4.103.781 تلميذا خلال 2017-2018. واستفاد أكثر من 170.000 يتيم ويتيمة و97.674 أرملة من برنامج دعم الأرامل في وضعية هشة الحاضنات لأطفالهن اليتامى إلى غاية 31 غشت 2019.
وعبر صندوق دعم التماسك الاجتماعي، تم الاستمرار في دعم تمدرس الأطفال في وضعية إعاقة بالمراكز التربوية المتخصصة التي تدبرها الجمعيات العاملة في مجال الإعاقة؛ حيث ارتفع عدد الأطفال في وضعية إعاقة المستفيدين من برنامج دعم التمدرس بنسبة 139% بين 2015 و2018 ليصل عدد المستفيدين إلى 11344 مستفيد بقيمة مالية تناهز 97 مليون درهم بعد أن كانت لا تتعدى قبل سنة 2015، 16مليون درهم. 

  •  تحسن في العرض وفي المؤشرات

وبطبيعة الحال، ساهمت البرامج الاجتماعية وغيرها من البرامج الداعمة لتعليم الأطفال من أسر معوزة، مثل المطاعم المدرسية والنقل المدرسي...إلخ، في تحسين العرض المدرسي وتحسين مجموعة من المؤشرات المتعلقة بمجال التربية والتعليم ببلادنا، من مثل الهدر المدرسي الذي شهد انخفاضا مقدرا.

تحديات جديدة ونقائص تستدعي التدارك

  •  الخطر الرقمي

رغم المجهودات المبذولة خلال السنوات السابقة، لم يستطع المغرب التغلب على مجموعة من المشاكل التي تعيق الحماية الاجتماعية للأطفال، كما برزت تهديدات جديدة لها صلة بالتحولات الرقمية الجارفة، وما تحمله من أخطار محدقة على الطفولة بشكل عام، وعلى الطفولة الهشة بشكل خاص.

  • التحولات المجتمعية والقيمية

كما أن التحولات الاجتماعية والمجتمعية والقيمية التي تعرفها بلادنا، شأنها في ذلك شأن باقي دول العالم، تلزمنا بإيلاء عناية خاصة بالمحاضن الطبيعية لحماية الأطفال، من أسرة ومدرسة ومؤسسات للتنشئة السليمة، مع ما يستلزم ذلك من رصد ودعم ومواكبة.

  • الأطفال في وضعية الشارع

كما أننا لا زلنا نلاحظ بعض ظواهر العنف والاعتداء والإهمال والاستغلال التي يتعرض لها بعض الأطفال الذين يصعب عليهم الاستفادة من الخدمات الحمائية، ولا سيما أولئك الذين يوجدون في وضعية الشارع. 
ومن أجل الإسهام في مواجهة هذا التحدي الأخير، تم إعطاء الانطلاقة الرسمية للحملة الإفريقية "مدن دون أطفال في وضعية الشارع"، تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة والرئاسة الفعلية لصاحبة السمو الملكي الأميرة للا مريم بمناسبة القمة الثامنة لقمة منظمة المدن والحكومات المحلية المتحدة الإفريقية "أفريسيتي" بمراكش في نونبر من السنة الماضية. وقد بدأت بلادنا في تفعيل وأجرأة هذه المبادرة الوطنية والإفريقية بدءا بمدينة الرباط في أفق تعميم هذه الدينامية على باقي مدن المملكة.

  • تراكم إيجابي لكنه لا زال دون الطموحات

إن منظومة الحماية الاجتماعية ببلادنا هي نتاج تراكمات لسياسات وبرامج متبعة في المجالات الاجتماعية منذ عقود، والتي مكنت من ولوج فئات واسعة من السكان، من بينها الأطفال، لمجموعة من الخدمات الاجتماعية. 
غير أننا نتفق جميعا بأن هذه الخدمات تحتاج إلى تأهيل لمواجهة التحديات المتجددة والجديدة، كما أنها لا ترقى في بعض الأحيان إلى المستوى المنشود، وهو ما تعكسه مؤشرات التنمية البشرية التي لا زالت دون ما نطمح ونسعى إلى تحقيقه، رغم ما تم تخصيصه من اعتمادات مالية مهمة في هذا المجال.

  • أولوية الحكامة الجيدة

لعل من أبرز التحديات التي يجب التصدي لها، من أجل رفع مستوى الأداء وتوسيع دائرة المستفيدين بكافة جهات وأقاليم المملكة، تلك المتعلقة بحكامة والتقائية واندماجية السياسات الاجتماعية الموجهة للطفولة، على المستوى الوطني والجهوي والمحلي.
وفي هذا السياق، يحتل برنامج إحداث الأجهزة الترابية المندمجة لحماية الطفولة موقعا متقدما في البرامج والأنشطة المتعلقة بتفعيل السياسة العمومية المندمجة لحماية الطفولة. كما يندرج إحداث هذه الأجهزة الترابية في إطار تنفيذ البرنامج الحكومي 2016-2021، في جانبه المتعلق بإرساء الإلتقائية وتكامل السياسات الاجتماعية العمومية وتطوير حكامة الدعم الاجتماعي وتعزيزه، وتقوية أنظمة الرعاية الاجتماعية ودعم الأسرة والطفولة والفئات الهشة.

إشراك الأطفال مدخل مهم لتأهيلهم


يعتبر حق الطفل في المشاركة مدخلا أساسيا لتأهيل الأطفال للقيام بدور فعال في المجتمع. وقد تمكن المغرب، منذ مصادقته على اتفاقية حقوق الطفل، من ترسيخ مشاركة الأطفال وإتاحة الفرصة لهم للتعبير عن آرائهم والاستماع إليها، وأخذها بعين الاعتبار في وضع التشريعات والسياسات وخطط العمل الوطنية. وتتجلى مشاركة الأطفال ببلادنا في أشكال وممارسات مختلفة من مثل إنشاء برلمان الطفل سنة 1999 أو إطلاق تجربة المجالس الجماعية للأطفال لتعزيز قنوات الحوار بين الأطفال والمسؤولين المحليين وتحسيس المنتخبين بقضايا الطفولة سنة 2000.
ونغتنم هذه الفرصة لننوه بالدور الكبير الذي يقوم به المرصد الوطني لحقوق الطفل، ليس فقط في خلق مثل هذه الديناميات أو إطلاق مجموعة من المبادرات، بل وأيضا في حرصه على تطوير المشاركة الفعلية للأطفال وضمان فرص الاستماع إليهم وإعطائهم الفرصة للتعبير عن مشاكلهم وانتظاراتهم واقتراحاتهم في كل ما يعنيهم من قريب أو بعيد.

وفي الختام

  • حماية الأطفال وضمان حقوقهم ورش مستمر يتطلب انخراطا جماعيا والتزاما قويا

إن الحماية الاجتماعية حق من حقوق الإنسان الأساسية، ينبغي أن يستفيد منها كل المواطنين والمواطنات وفي مقدمتهم الأطفال. ولا شك أن مجموعة من المكتسبات قد تحققت في مجال حماية الطفولة، بفضل جهود الجميع، إلا أن هذه المكتسبات لا ينبغي أن تنسينا بأن الأطفال من بين الفئات الاجتماعية الأكثر عرضة للهشاشة والتي ينبغي أن تحظى باهتمام خاص في منظومة الحماية الاجتماعية ببلادنا وأن نسعى للنهوض بحقوقها كاملة كما ينص على ذلك دستور المملكة والمواثيق الدولية.
والحكومة، تنزيلا للمقتضيات الدستورية، وانسجاما مع الالتزامات الدولية لبلادنا، وتنفيذا للبرنامج الحكومي، تلتزم بالاستمرار في العمل على توفير الضمانات اللازمة للنهوض بحقوق الأطفال، من خلال تعبئة الفاعلين في هذا المجال والموارد المالية الضرورية، واستشراف آفاق جديدة تمكننا من مواجهة التحديات الحالية والمستقبلية.

حضرات السيدات والسادة؛

قبل أن أختم هذه الكلمة، أود أن أنوه بالمجهودات التي تقومون بها، ومن خلالكم أنوه وأشكر جنود الخفاء، من أطر ومسؤولين ومن مؤسسات المجتمع المدني ومن أخصائيين ومهنيين، كما أدعو الجميع لبذل المزيد في إطار من التكامل والالتقائية والفعالية للنهوض بحقوق الأطفال ببلادنا.
كما أؤكد لمؤتمركم الموقر، أنني سأحرص شخصيا على إيلاء خلاصاته وتوصياته العناية اللائقة والتتبع الجدي، لكي نعمل جميعا ومجتمعين، كل من موقعه وفي إطار اختصاصاته، على ترصيد ما تحقق لفائدة الطفولة ببلادنا، وتجاوز ما يتخلل ذلك من قصور أو هفوات، وجعل الطفل في قلب النموذج التنموي المنشود، دون أن نغفل تعزيز انخراط المملكة المغربية في المبادرة الإفريقية الرامية لحماية الطفولة على مستوى قارتنا "إفريقيا".
أتمنى لكم التوفيق في أشغال هذا المؤتمر، وأجدد الترحاب بضيوفنا الفاضل.   
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
 

النشرة الإخبارية