كلمة رئيس الحكومة بمناسبة الإطلاق الرسمي البوابة الإلكترونية الخاصة بتدبير الشكايات

 

بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا ومولانا محمد

 

وإنه لشرف عظيم أن أتناول الكلمة بمناسبة الانطلاقة الرسمية للبوابة الوطنية للشكاياتChikaya.ma

 

هذا الورش المحوري الذي طال انتظاره، سيصبح من اليوم فصاعدا حقيقة ملموسة، إنه إنجاز لم يكن يتأتى لولا الإرادة القوية للحكومة من جهة، وتظافر جهود جميع المتدخلين المعنيين بهذا الملف الاستراتيجي من جهة أخرى.

 

إن إنشاء بوابة إلكترونية لتلقي شكايات المواطنين وتدبيرها يدخل في صلب تحسين الخدمات العمومية، وسيساعد أيضا على تحسين العلاقة القائمة بين المواطن ومختلف المصالح الإدارية، من خلال تلقي ملاحظات المرتفقين واقتراحاتهم وشكاياتهم، والعمل على تتبعها ومعالجتها من قبل الإدارات المعنية بها، وذلك انسجاما مع مضامين الفصل 156 من الدستور الذي يشدد على ضرورة أن "تتلقى المرافق العمومية ملاحظات مرتفقيها، واقتراحاتهم وتظلماتهم، وتؤمّن تتبعها".

 

حضرات السيدات والسادة

كما تعلمون، فإن الحكومة، منذ تنصيبها من قبل البرلمان وبعد المصادقة على برنامجها الحكومي في أبريل 2017، جعلت من إصلاح الإدارة وترسيخ الحكامة الجيدة وتعزيز قيم النزاهة، أولوية من أولويات عملها، ووضعت خطة لتحقيق تحول إداري يرتكز على ثلاثة عناصر، في مقدمتها تحسين علاقة المواطن بالإدارة، ثم تعزيز نجاعة الإدارة بالعمل على الرفع من أدائها عبر تطوير نظم وأساليب عملها واعتماد تنظيم إداري يتسم بالمرونة والترشيد والعقلنة، وأخيرا الارتقاء بالعنصر البشري من خلال تأهيله وتطوير كفاءته.

 

وإذا كانت التدابير والإجراءات الأساسية في هذا المضمار تتجلى في اعتماد وتعميم نظام موحد للاستقبال بالمرافق العمومية من خلال دعم وتطوير مركز الاتصال للإرشاد والتوجيه، فإن تلقي الشكايات في مجال الخدمات العمومية وطريقة تدبيرها بشكل معقلن يعد رافدا من روافد إصلاح الإدارة وتحسين جودة خدماتها.

إذ لا يعقل كما أشار إلى ذلك صاحب الجلالة في خطاب سامي بمناسبة افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية الأولى من الولاية التشريعية العاشرة (أكتوبر 2016) "أن لا تجيب الإدارة على شكايات وتساؤلات الناس وكأن المواطن لا يساوي شيئا، أو أنه مجرد جزء بسيط من المنظر العام لفضاء الإدارة. فبدون المواطن لن تكون هناك إدارة. ومن حقه أن يتلقى جوابا عن رسائله، وحلولا لمشاكله، المعروضة عليها. وهي ملزمة بأن تفسر الأشياء للناس وأن تبرر قراراتها التي يجب أن تتخذ بناء على القانون".

إنها دعوة صريحة ومباشرة من جلالته لتعميم الإدارة الإلكترونية وتحسين جودة الخدمات التي تقدمها الإدارة للمواطنين.

وانطلاقا من هذا التوجيه الملكي السامي، فإن الحكومة اعتمدت منظومة متكاملة لتدبير الشكايات، وصادقت منذ يونيو 2017، على مرسوم يضع إطارا تنظيميا لهذا الغرض، مرسوم حدد كيفية ومسطرة وآجال معالجة الشكاية، ونص على إحداث بوابة وطنية موحدة للشكايات، إضافة إلى وضع إطار تنظيمي لتبسيط الإجراءات والمساطر الإدارية ورقمنتها، والعمل على تحديد المبادئ والقواعد والمعايير التي ينبغي على الإدارات العمومية والجماعات الترابية والمؤسسات العمومية الالتزام بها، فيما يتعلق بالمساطر الإدارية، من خلال التنصيص أساسا على إلزامية نشر المساطر الإدارية ببوابة الخدمات العمومية وجميع الوسائل المتاحة، والتقيد باحترامها مع إعطاء الأولوية للمساطر الأكثر تداولا والأكثر وقعا، لا سيما المساطر المتعلقة بنزع الملكية والمقاولة وتحسين مناخ الأعمال ووضعية المغاربة المقيمين بالخارج، مع إجراءات أخرى تتعلق بتبسيط مسطرة الإشهاد على مطابقة الوثائق لأصولها، وتطوير بوابة وطنية حول مساطر المقاولة.

 

أيها الحضور الكريم

 

إن الحكومة واعية كل الوعي بالتحديات التي تفرضها العلاقة القائمة بين المواطن والإدارة، كما أنه من باب مسؤوليتها، العمل على تعزيز النجاعة الإدارية، سواء من خلال اعتماد أساليب حديثة في التدبير واستعمال التكنولوجيا الرقمية، أو من خلال اعتماد أسلوب إداري ناجع قادر على القطع مع بعض الممارسات الإدارية التقليدية، مقابل سن قواعد الحكامة ومحاربة مختلف أشكال الفساد من تفشي الرشوة أو الشطط في استعمال السلطة، أو التهاون في تقديم الخدمات الضرورية والأساسية للمرتفقين.

وسيكون لإطلاق بوابة إلكترونية وطنية موحدة لتلقي الشكايات دور إيجابي لبلوغ أهداف تخليق الإدارة وجعل خدماتها قريبة من المواطن.

 

سيداتي سادتي

لا يفوتني بهذه المناسبة السعيدة أن أتقدم بالشكر الجزيل لكل من السيد وزير الصناعة والاستثمار والتجارة والاقتصاد الرقمي، والسيد الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بإصلاح الإدارة، اللذان اشتغلا منذ شتنبر الماضي على هذا الورش وتمكنا في وقت معتبر من التوقيع على اتفاقية الشراكة تم بموجبها اعتماد البوابة الإلكترونية الوطنية الموحدة لتلقي الشكايات التي نشرف اليوم ورسميا على إطلاقها.

 

وأملنا أن تقدم بوابة "chikaya.ma"، للمواطن المرتفق خدمات إدارية إضافية، وأن تستجيب لمتطلباته بفعالية ونجاعة، وأن تصبح قيمة مضافة في مسلسل إصلاح الإدارة المغربية، هذا الورش الذي يساءلنا جميعا، لأنه مما شك فيه، فإن

تتبع شكايات المواطنين، سيمكن من كشف عيوب الإدارات العمومية وسيرصد مكامن الخلل التي يعاني منها المرتفقون خلال تعاملهم مع هذه الإدارات، في أفق المحاسبة والإصلاح.

 

أيها الحضور الكريم

 

إن الحكومة ومن خلال شعارها التي رفعته "الإنصات والإنجاز" عازمة على

تنفيذ استراتيجيتها الوطنية لمحاربة الفساد، ومصرة على اتخاذ كافة التدابير والإجراءات التي من شأنها تحسين علاقة الإدارة بمرتفقيها من خلال تلقي ملاحظاتهم وتدبير شكاياتهم وتتبعها ومعالجتها في وقت مناسب.

وفخر لنا أن يصبح المواطن قادرا على تقديم شكايته كلما دعت الضرورة إلى ذلك، وأن تتاح له إمكانية تتبعها، والتوصل بالرد عليها في أجل أقصاه 60 يوما.

 

وفي الأخير، لا يفوتني بأن أتقدم بالشكر الجزيل لكل من ساهم في إخراج هذه البوابة إلى الوجود وأدعو المواطنين إلى التفاعل الإيجابي مع هذا الورش لنتمكن جميعا من تحقيق الأهداف المتوخاة منه، وفي المقدمة تحسين الخدمات العمومية والرقي بإداراتنا لتصبح أكثر نجاعة وفعالية.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

النشرة الإخبارية