كلمة رئيس الحكومة بمناسبة الإعلان الرسمي عن خطة العمل الوطنية في مجال الديمقراطية وحقوق الإنسان

بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على سيد المرسلين

 

السيد وزير الدولة المكلف بحقوق الإنسان؛

السيدات والسادة الوزراء؛

السيد الأمين العام للمجلس الوطني لحقوق الإنسان؛

السادة السفراء؛

السادة ممثلي وكالات الأمم المتحدة والمنظمات الدولية غير الحكومية بالمملكة المغربية؛

السيدات والسادة أعضاء لجنة الإشراف على إعداد خطة عمل الوطنية حول الديمقراطية وحقوق الإنسان؛

حضرات السيدات والسادة؛

 

يسعدني أن أفتتح اليوم هذا اللقاء المخصص للإعلان الرسمي عن خطة العمل الوطنية في مجال الديمقراطية وحقوق الإنسان التي انطلق إعدادها منذ ما يقرب عشر سنوات.

تأتي هذه السعادة من:

أهمية موضوع خطة العمل الوطنية في مجالي الديمقراطية وحقوق الإنسان اللذين أصبحا المعيار الصادق للتقدم والتطور الحضاري للمجتمعات المعاصرة، ونعتبره في الحكومة ورشا محوريا.

كما تأتي من العمل التشاركي الذي أعدت به الخطة منذ المناظرة الوطنية المنعقدة يومي 25 و26 أبريل 2008، وهو ما يجعلها منبثقة من اختيارات استراتيجية ورؤية جماعية، تضمن لها عمق المحتوى ويسر التطبيق.

مما يضاعف من أهمية الخطة الوطنية التي نعلن عنها اليوم، أنها تحققت تتويجا لخطوات مرحلية قطعها المغرب بثبات، وبفضل التلاحم بين العرش والشعب.

فالمغرب منذ استرجع سيادته، بقيادة المغفور له جلالة الملك محمد الخامس طيب الله ثراه، أرسى وبنى بحكمة وتبصر الأسس المؤهلة لتحقيق الديمقراطية وبناء حقوق الإنسان، بدأ ذلك بقوانين الحريات العامة الصادرة في 15 نونبر 1958، فالقانون الأساسي للمملكة في 1961 ثم دستور 1962 وما لحقه من تغييرات في الدساتير اللاحقة التي توجت بدستور 2011، المتميز بصياغته الجديدة لممارسة الديمقراطية ولمجالات حقوق الإنسان، التي جعلت منه ميثاقا حقيقيا للحريات والحقوق الأساسية.

ولا تفوتني هذه المناسبة دون أن أذكر تجربة هيئة الإنصاف والمصالحة التي مكنت بلادنا من قراءة شجاعة لماضيها والكشف عن حقيقة ما جرى، وجبر أضرار ضحايا الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، وتحديد ضمانات عدم التكرار، وفق مقاربة شمولية تروم توطيد الانتقال الديمقراطي وضمان القطيعة مع أخطاء الماضي.

والحكومة عازمة على الإسراع بإيجاد حل لما تبقى من الملفات العالقة لانتهاكات حقوق الإنسان، وقطعت وعدا على نفسها بأن تبدأ الحل العملي قبل نهاية السنة الجارية.

حضرات السيدات والسادة،

هذا التطور في مجالي حقوق الإنسان والديمقراطية الذي استمر حوالي نصف قرن في عهد الملكين الراحلين جلالة الملك محمد الخامس وجلالة الملك الحسن الثاني طيب الله ثراهما، وتعمق تشريعا وممارسة في عهد جلالة الملك محمد السادس حفظه الله، فرض انتقال بلادنا إلى التخطيط الاستراتيجي والعمل التشاركي في مجال حقوق الإنسان. وفاء منها بالتزام يندرج في إطار تفعيل توصيات وإعلان برنامج مؤتمر فيينا الدولي لحقوق الإنسان المنعقد سنة 1993، والذي تضمن توصية إلى دول العالم بالعمل على صياغة واعتماد خطط عمل وطنية للنهوض بحقوق الإنسان وحمايتها.

حضرات السيدات والسادة،

كما تعلمون، فقد التزمنا في البرنامج الحكومي 2016-2021 ب "اعتماد سياسة حكومية مندمجة في مجال حقوق الإنسان وفق تخطيط استراتيجي تشاركي، وتحيين خطة العمل الوطنية في مجال الديمقراطية وحقوق الإنسان".

وفي هذا الإطار، يسعدني إبلاغكم التزام الحكومة بعرض هذا المشروع المحين للخطة على مجلس للحكومة في اجتماع قريب، بعد اطلاع كافة القطاعات الحكومية عليه، قصد مناقشته والمصادقة عليه.

ونؤكد عن صادق التزامنا بنشر الخطة في الجريدة الرسمية فور اعتمادها من طرف مجلس الحكومة، كما نؤكد عزمنا على تفعيل مقتضيات الخطة وتوفير جميع الوسائل والشروط المادية والبشرية الكفيلة بحسن تطبيقها.

ونحرص، من خلال وزارة الدولة المكلفة بحقوق الإنسان، على تطوير المقاربة الملائمة فيما يتعلق بمتابعة تنفيذ مضامين الخطة، ووضع مؤشرات لتقييمها. وفي هذا الإطار، كلفنا الوزارة المذكورة بوصفها القطاع الحكومي المختص، بتيسير مهمة آلية التتبع والتقييم.

ولي اليقين بأن الإعداد الجماعي لمضامين الخطة والتوافق عليها، يلزمان كل القطاعات الحكومية المعنية برصد الاعتمادات اللازمة للتنفيذ المسئول والمعقلن، في إطار التنسيق التام مع الفاعلين المعنيين.

وستعمل الحكومة على تنفيذ الخطة مستعينة بكل الفاعلين في المجال من المؤسسات الوطنية ومن المجتمع المدني.

وإن مما يساعد على ذلك وجود الإرادة والرغبة لدى كل الفرقاء في توطيد البناء الديمقراطي وترسيخ حقوق الإنسان، وقيادة المسيرة نحو مجتمع الديمقراطية وحقوق الإنسان الذي يتوق إليه الشعب المغربي، بقيادة صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأمد في عمره.

ففي الوقت الذي نحن فيه واعون بتحقيق إنجازات في مجالي حقوق الإنسان والديمقراطية، نحن واعون أيضا بوجود اختلالات ونقائص سنعمل على معالجتها بجرأة وشجاعة كما فعل من سبقونا إلى ذلك.  

وفي الأخير، أود أن أنوه بالعمل الذي أنجزته لجنة الإشراف وأتوجه بالشكر والامتنان إلى كافة أعضائها الذين ساهموا في إعداد هذه الخطة الوطنية الواعدة. والشكر موصول إلى وزارة الدولة المكلفة بحقوق الإنسان التي تولت تنسيق تحيين الخطة الوطنية وعلى رأسها السيد وزير الدولة المكلف بحقوق الإنسان.

وفقنا الله جميعا إلى ما فيه خير هذا الوطن، والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.

 

النشرة الإخبارية